به لذّة وشهوة» ، إلى آخر ما يذكر من فوائد خلّق النهار والليل وما ينبغي أن يشكره الإنسان من هذه النّعم.
وتقرأ أسلوبا آخر في بيان أنّ جميع الأمور بيده تعالى في الدعاء السابع : «يا من تحلّ به عقد المكاره ويا من يفثا به حدّ الشدائد ، ويا من يلتمس منه المخرج إلى روح الفرج، ذلّت لقدرتك الصّعاب ، وتسببت بلطفك الأسباب ، وجرى بقدرتك القضاء ومضت على إرادتك الأشياء فهي بمشيئتك دون قولك مؤتمرة ، وبإرادتك دون نهيك منزجرة».
الثاني : بيان فضل الله تعالى على العبد وعجز العبد عن أداء حقه ، مهما بالغ في الطاعة والعبادة والانقطاع إليه تعالى ، كما تقرأ في الدعاء السابع والثلاثين : «اللهم إنّ أحدا لا يبلغ من شكرك غاية إلّا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرا ، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك ، وإن اجتهد إلّا كان مقصّرا دون استحقاقك بفضلك ، فاشكر عبادك عاجز عن شكرك واعبدهم مقصر عن طاعتك».
وبسبب عظم نعم الله تعالى على العبد التي لا تتناهى بعجز عن شكره فكيف إذا كان يعصيه مجترئا ، فمهما صنع بعدئذ لا يستطيع أن يكفّر عن معصية واحدة. وهذا ما تصوّره الفقرات الآتية من الدعاء السادس عشر : «يا إلهي لو بكيت إليك حتى تسقط أشفار عيني وانتحبت حتى ينقطع صوتي ، وقمت لك حتى تنتشر قدماي ، وركعت لك حتى ينخلع صلبي ، وسجدت لك حتى تتفقأ حدقتاي ، وأكلت تراب الأرض طول عمري ، وشربت ماء الرماد آخر دهري ، وذكرتك في خلال ذلك حتى يكلّ لساني ، ثم لم أرفع طرفي إلى آفاق السماء استحياء منك ما استوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيئاتي».
الثالث : التعريف بالثواب والعقاب والجنّة والنار وأنّ ثواب الله تعالى كلّه تفضّل ، وأنّ العبد يستحقّ العقاب منه بأدنى معصية يجترئ بها ، والحجة عليه فيها لله تعالى. وجميع الأدعية السجّادية تلهج بهذه النغمة المؤثرة ، للإيحاء إلى النفس الخوف من عقابه تعالى والرجاء في ثوابه. وكلّها شواهد على ذلك بأساليبها البليغة المختلفة التي تبعث في قلب المتدبّر