شركا بقوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (البقرة / ٤٦).
في حين أنه سبحانه قيّد الاستعانة به تعالى بآيات أخر بقوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
فهنا حصر الاستعانة بذاته المقدّسة ثم أجاز الاستعانة بالصبر والصلاة والصدقة والدعاء والشفاعة المجازة بإذنه تعالى. هذا مضافا إلى أنه لو كان مطلق طلب الشفاعة شركا لكان الطلب من الآخرين حينئذ شركا ، كمن طلب من ابنه أن يسقيه ماء ، أو من زوجه أن تهيء له طعاما ، مع أن سيرة العقلاء جارية على هذا من دون الحكم على أنفسهم بالشرك لنكتة الاستعانة.
خامسا ـ إن المتشفع أو المستغيث بالأولياء عليهمالسلام لا يقصد الألوهية فيهم ، بل يستغيث متشفعا بهم لاعتقاده أنهم وسائل إليه تعالى (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ومعادن الرحمة الإلهية ومستقر الفيض الربوبي.
ولم يحصل في تاريخ المسلمين بوجه عام ، والشيعة بوجه خاص أن قصدوا الألوهية بالأنبياء والأولياء عليهمالسلام حال استغاثتهم بهم ، بمعنى أنه لم يدّع أحد أن محمدا أو عليا أو أحدا من العترة الطاهرة موجودات منفصلة عن الله تعالى ، ومستقلة عنه بالتأثير كما كان يعتقده المشركون سابقا وحاضرا.
فالشفيع يستفيد من صفات الله العليا من الرحمة والخلق والأحياء والرزق وغير ذلك في إيصال أنواع النعم والفضل إلى كل مفتقر محتاج من خلقه ، فكما أن الشفاعة التكوينية ـ (التي هي عبارة عن مؤثرات خارجة عن حواسنا واحساسنا كالملائكة المدبرة لهذا الكون بإذنه تعالى ضمن سلسلة نظام العلة والمعلول) ـ ليست إلا توسط العلل والأسباب بينه وبين مسبباتها في تدبير أمرها وتنظيم وجودها وبقائها ، فكذلك الشفاعة المصطلحة فإن الآيات تثبت الشفاعة لعدة من عباده من الملائكة والناس من بعد الاذن والارتضاء لهم ، فلهم أن يتمسكوا برحمته وعفوه ومغفرته وما أشبه ذلك من صفاته العليا لتشمل عبدا من عباده ساءت حاله بالمعصية وشملته بلية العقوبة ، ولله الملك وهو القائل (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (الفرقان / ٧١) وبذلك ظهر أن الشفاعة المصطلحة قسم من الشفاعة التكوينية ، بمعنى تأثير دعاء النبي أو الولي ومسألته في جلب