قال عليهالسلام : أرأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة (١) فكسرها ثم صبّ عليها الماء وجبلها ثم ردّها إلى هيئتها الأولى ألم تكن هي هي ، وهي غيرها؟
قال : بلى ، أمتع الله بك (٢).
الصنف الخامس :
ما دلّ على اللذات والآلام الروحيّة في اللّذات والآلام الجسدية كما يصوّرها القرآن الكريم منها قوله تعالى :
١ ـ (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة / ٧٣).
فقوله تعالى : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً ...) إشارة إلى الذات الجسدية ، وقوله : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) إشارة إلى اللّذات الروحية ، ويصف الثانية بأنها أكبر من الأولى وأن الفوز بها هو الفوز العظيم.
وقد أشار مولانا علي بن الحسين عليهالسلام إلى هذا المعنى فقال : إذا صار أهل الجنة في الجنة ودخل وليّ الله إلى جنانه ومساكنه واتكأ كلّ مؤمن منهم على أريكته حفّته خدّامه ، وتهدّلت عليه الثمار (٣) ، وتفجّرت حوله العيون وجرت من تحته الأنهار وبسطت له الرزابي وصففت له النمارق وأتته الخدّام بما شاءت شهوته من قبل أن يسألهم ذلك ؛ قال : ويخرج عليهم الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله.
ثمّ إن الجبار يشرف عليهم فيقول لهم : أوليائي وأهل طاعتي وسكّان جنّتي في جواري ألا هل أنبئكم بخير ممّا أنتم فيه؟ فيقولون : ربّنا وأيّ شيء خير ممّا نحن فيه؟ نحن فيما اشتهت أنفسنا ، ولذّت أعيننا من النعم في جوار الكريم ؛ قال : فيعود عليهم بالقول ، فيقولون : ربّنا نعم ، فأتنا بخير ممّا نحن فيه ، فيقول لهم تبارك وتعالى : رضاي عنكم ومحبّتي لكم خير وأعظم مما أنتم فيه ، قال : فيقولون : نعم ، يا ربّنا رضاك عنّا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا.
__________________
(١) وهي ما يبنى بها من الطين.
(٢) بحار الأنوار : ج ٧ ص ٣٩.
(٣) أيّ استرخت.