وفي الآية الرابعة طرحت هذه المسألة بشكل جديد فهي تنقل قول الكافرين أولاً (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَاتَأْتِينَا السَّاعَةُ).
ثم يأمر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله : (قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتَأتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ).
من الممكن أن يكون ذكر «عالم الغيب» هو للالتفات إلى السبب الذي أدّى إلى إنكار المعاد من قِبَل الكافرين وذلك لأنّهم كانوا يقولون : مَن يقدِر على جمع الرفات المتناثرة في أكناف الأرض على شكل ذرات؟ ومن يقدر على إحصاء أعمال الإنسان التي بادت وانمحت ولم يبق منها أي أثر ليثاب ويعاقب عليها؟ يجيب القرآن هنا بجملة وجيزة ، ويقول : الله الذي يعلم الغيب ويعرف خفايا الإنسان يتكفّل بذلك.
ولكن لماذا اطلق اسم «الساعة» على القيامة في أحد اسمائها؟ لأنّ «الساعة» بتصريح أصحاب اللغة وضعت في الأصل للجزء الصغير من أجزاء الزمن أو بتعبيرٍ آخر هي اللحظة السريعة الانقضاء ، وبما أنّ حساب العباد في يوم القيامة أو أصل قيام القيامة يتمّ بسرعة اطلق هذا الاسم على يوم القيامة (١).
ومن الجدير بالذكر أيضاً هو أنّ كلمة «ساعة» كما جاء في لسان العرب تطلق على لحظة انتهاء العالم المفاجئة وعلى قيام يوم القيامة معاً ؛ لأنّ قيام يوم القيامة يكون مفاجئاً أيضاً.
وقسّم البعض «الساعة» إلى ثلاثة أنواع : «الساعة الكبرى» و «الساعة الوسطى» و «الساعة الصغرى».
فالساعة الكبرى هي يوم الحشر ، والساعة الوسطى هي الموت المفاجىء لقومٍ في أحد الأزمنة (مثل قوم نوح الذين غرقوا في وقت الفيضان) والساعة الصغرى هي ساعة الموت لكل إنسان (٢).
* * *
__________________
(١) فعل «ساعَ» أتى بمعنى زوال ، والزوال يحمل في طياته مفهوم سرعة الانقضاء ، قال في المنار : ساعة في الأصل بمعنى الزمان القصير الذي يُعَّين بواسطته مقدار عملٍ معيّن حدث في خلال ذلك الوقت. (تفسير المنار ، ج ٧ ، ص ٣٥٩).
(٢) تاج العروس في شرح القاموس ومفردات الراغب.