وفي الآية الثالثة طُرحت هذه المسألة على شكل استفسار ومحاورة تجري بين النبي صلىاللهعليهوآله والمشركين : (وَيَسْتَنْبِؤُنَكَ أَحَقٌ هُوَ)؟!
ويجب الالتفاف إلى أنّ «يستنبؤنك» من «النبأ» وهو «الخبر المهم».
قال «الراغب» في «المفردات» النبأ هو الإخبار النافع المصاحب للهول والعظمة لدى الإنسان الذي لديه علمٌ أو ظنٌ غالباً بذلك الإخبار ، ومادام الخبر لايتصف بهذه الامور الثلاثة (الفائدة والعظمة والعلم) فإنّه لا يسمى «نبأ» ، (بناءً على هذا فالخبر المشكوك أو قليل الأهميّة أو عديم الفائدة لايسمى «نبأ» وأما ما نراه في سورة النبأ من وصف النبأ ب «العظيم» فإنّه لشدّةِ التأكيد) وعندما يطلق على النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ذلك فبسبب اتصاف ما أخبر به بهذه الصفات الثلاث أيضاً.
ثم يأمر الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآله : (قُلْ اىْ وَرَبِّى إِنَّهُ لَحَقٌ) ، والملفت للنظر هنا هواستعمال كلمة «الرب» في الآية الكريمة للاشارة إلى أن القيامة هي دوام ربوبية الخالق واستمرارها ، وإنّ القيامة هي من مظاهر الربوبية ، وسيأتي توضيح هذا الكلام عند البحث في أدلّة المعاد بإذن الله.
وإزداد التأكيد شدّةً في آخر الآية في جملة : (وَمَا انْتُمْ بِمُعْجِزِينَ).
ويعتقد عدد من المفسرين بأنّ هذه الآية تشير إلى صدق القرآن أو نبوّة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ، بينما تصِّرح الآية السابقة والآية اللاحقة لهذه الآية بوضوح أنّ المراد من النبا هو مسألة المعاد ومجازاة المذنبين في يوم القيامة التي طُرحت بعنوان أمرٍ واقعٍ لا شك فيه من خلال اضفاء أنواع التأكيدات عليها.
إنّ كلّاً من كلمة «إيْ» ، والقسم «ربّي» و «إنَّ» و «اللام» في «لحقٌ» ، ونفس كلمة «حق» وكون الجملة اسمية ، وجملة «وما أنتم بمعجزين» هي تأكيدات لبيان أهميّة هذه المسألة.
* * *