الصورة السابقة ، فمن أجل هذا عبّر القرآن بـ «مثل» ، ولكن روح الإنسان هي تلك الروح ، فبعد أن تتعلّقَ بالبدن تحافظ على وحدة شخصيتها السابقة واللاحقة ، بناءً على هذا فإنّ الناس بعد إعادتهم يكونون عينهم من ناحية ، ومثلهم من ناحية اخرى (فتأمّل).
ثم يجيب في ذيل الآية عن سؤال آخر للمنكرين ، فأولئكَ كانوا يقولون : إذا كانت القيامة حق فَلِمَ لا تقع ، قال تعالى في جوابهم : (وَجَعَلَ لَهُمْ اجَلاً لَّارَيْبَ فِيهِ).
وبتعبير آخر إنّه تعالى مع الحفاظ على كامل قدرته عيّن وقت قيام القيامة بالدقّة حيث ستقع في ذلك الزمان المعيّن من دون أيّ تأخير.
(فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلّاكُفُوراً) لأنّ هوى النفس والتعصب والعداء للحق أرخى على أفكارهم حُجبه وسدوله.
* * *
وفي الآية الثالثة ورد نفس هذا المعنى بتعبير آخر ، قال تعالى : (اوَلَمْ يَرَوا أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى انْ يُحْيِىَ الْمَوتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ).
عبارةُ «اوَلَمْ يروا» المراد منها المشاهدة بعين البصيرة والعقل ، لذلك فسَّرها المفسرون بمعنى أولم يعلموا ، والبعض الآخر فسّرها بمعنى العلم والاطلاع المصحوبِ بالدقّة والتمعّن.
و «يَعْيَ» : من مادة «عَيّ» بمعنى العجز وعدم القدرة على المشي عند الإنسان ، واستعملت أيضاً للدلالة على شمول العجز وعدم القدرة على إنجاز عملٍ ما ، أو العجز عن بيان أمرٍ ما عن طريق التحدّث للآخرين ، و «داءٌ عيّاء» المرض الذي لاعلاج له سُمّي بذلك لأنّه متعب ومسبب للعجز.
وفسّر بعضهم «العي» بـ «الجهل» ولكن هذا المعنى لا يناسب هذه الآية.
ومن البديهي أن يُتَصَوّرَ العجزُ وعدم القدرة في الأشخاص الذين تكون قدرتهم محدودة ، ولكن هذا غير مُتَصَوَّرٍ بالنسبة لله تعالى الذي لا حدَّ لقدرته ، فالعجز والتعب لا معنى لهما في هذا المورد.