(أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْىِ هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شىءٍ قَدِيرٌ) (١). (البقرة / ٢٥٩)
وتوجد هنا عدّة امور تحتاج إلى الدقّة والتّأَمُّلِ :
١ ـ من كان هذا الرجُل؟ وأين تقع هذه القرية؟ (يجب الالتفات إلى أنّ المراد من القرية هنا التجمّع السكاني سواء أكان قرية أو مدينة).
فالقرآن لم يوضح ذلك ، والمستفاد من سياقِ الآية أنّه رجلٌ أُوحيَ إليه ، أيْ كان من أحد انبياء الله لكنّ المفسّرين وبالاستناد إلى الروايات الواردة في هذا المجال يذكرون اسمه بالتعيين ، ففى كثير من الروايات وعبارات المفسرين ذُكر أن اسمه «عُزير» نبيّ بني اسرائيل المعروف ، وذكر آخرون بأنّ اسمه «الخضر» وآخرون ، قالوا إن اسمه «اشْعيا» (٢).
وأياً كان فانّه لايؤثر على معنى ومحتوى الآية ، أمّا ما احتمله البعض من أنّه كان رجلاً غير مؤمن وقد شك في أمر المعاد فإنّ هذا كلام مردود ، لأنّ الآية تدلّ بجلاء على أنّ الوحي نزل على هذا الرجل.
أمّا «القرية» فهي «بيت المقدس» طبقاً لما جاء في الروايات ، وهذه الحادثة التي وقعت بعد هدم بيت المقدس على يد «نبو خذ نصّر».
٢ ـ هل أنّ هذا الرجل المؤمن (أياً كان) قد مات حقاً أم ذهب في سباتٍ عميق؟ ظاهر الآية يدلّ على أنّه مات حقاً وعاد إلى الحياة مرّة اخرى بإذن الله بعد أن مضى على موته مائة عام ، وأكثر المفسرين يعتقدون بهذا الرأي ، والبعضُ منهم فَسَّرَ «الموتَ» في هذه الآية
__________________
(١) جملة (أو كالّذي مَرّ ...) طبقاً لتصريح كثير من المفسرين هي عطف على الآية التي قبلها (الم تر إلى الذي حاجَّ إبراهيم ...) بناءً على هذا يكون معنى هذه الجملة كالتالي «الَم ترَ إلى الذي مَرّ على قريةٍ ...».
(٢) تفاسير البرهان ؛ نور الثقلين ؛ مجمع البيان ؛ روح المعاني ؛ روح البيان ؛ والكبير والقرطبي في ذيل الآية مورد البحث.