ومساواتها بالأرض؟ وقيل هي قرية مجاورة لبيت المقدس.
أمّا ما يتعلق بحديث ذلك الرجل المؤمن مع نفسه فانّه لم يكن بسبب الإنكار ولا التعّجب والشك بل أراد أن يشاهد احياء الموتى بأم عينيه كي يطمئن قلبه كما أراد إبراهيم عليهالسلام ذلك في القصة التي سوف نذكرها عمّا قريب.
ومن الممكن أيضاً أن يكون طلبه هذا من أجل أن يقدم دليلاً مقنعاً للمنكرين والمشككين ، لأنّه في بعض الأحيان لا تكفي الاستدلالات العقلية ولا حتى نداء الفطرة والوجدان في اقناع بعض الناس ، فهم يصّرون على مشاهدة النماذج الحيّة لكي يأخذ الاستدلال طابع الحس وتزول جميع الوساوس عن قلوبهم ونفوسهم.
٤ ـ وأمّا ما يتعلق بنوع طعامه وشرابه فإنّ القرآن لم يصِّرح بشيء عنه ، ولكن يظهر من جملة : «لَمْ يَتَسَنَّهْ» التي هي من مادّة «سَنَه» والتي يفهم منها عدم فساد الطعام والشراب على الرغم من مرور سنين طويلة انّهما كانا من الأغذية والأشربة التي لا تفسد بمرور الزمان ، وقيل بأنّ الطعام الذي كان يحمله هو «التين» و «العنب» والشراب هو «عصير الفواكه» أو «الحليب».
والملاحظ هنا أنّ الله تعالى ومن أجل اظهار قدرته ، حفظ المواد السريعة الفساد من التلف ، بينما ترك حماره الذي يقاوم الفساد عادةً عرضةً للفساد ، وبهذا أصبح دليلاً على المكوث مائة سنة ودليلاً آخر على إمكان الحياة بعد الموت ، وذلك من أجل أن يشاهد الرجل المؤمن تلك الحقيقة بامِّ عينيه في كلا الأمرين (وجود نفسه ووجود حماره بعد الموت).
٥ ـ عبارة : (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ) تدلّ على أنّ الفائدة المرجوّة من هذه الحادثة لا تختص بذلك الرجل المؤمن لوحده ، بل لتكون عبرة نافعة لجميع الناس ، لأنّ الناس قد عرفوا «عُزير عليهالسلام» بالقرائن المختلفة ، وتيقنوا من أنّه قد مات وبُعث ثانية بعد مرور مائة عام على موته ، فإن كان الجيل المعاصر لحياة عزير قد مات وفنى فإنَّ الجيل الجديد عرفوا حقيقة الأمر بواسطة المعلومات التي حصلوا عليها من آبائهم.
* * *