الظروف الملائمة فعادت إلى الحياة ثانية وبدأت بالتكاثر (وهذا في الحقيقة يعني أنّ تلك البكتريا نهضت من رقادها بعد مائة مليون عام) وبعد هذه التجربة قام هذا العالم بجمع بلورات الملح من جميع أرجاء العالم ومن مناطق مضى عليها ستمائة مليون عام! فهيّأ لها الظروف الملائمة ورأى ببالغ العجب بأنّ هذه المتحجرات انبعثت من نومها العميق! وبهذا سجّل رقماً قياسياً آخر «ستمائة مليون عام» لحياة هذه الموجودات الحيّة المجهرية!
وهذا العالم يرى أنّ هذا الأمر يمكن أن ينطبق على الإنسان أيضاً من وجهة نظر العلم (وهذا الإنجماد يحصل خلال اللحظة التي تسبق الموت طبقاً لظروف معينة بحيث تصان اجهزة البدن من حدوث أيّ تلف) (١).
إنّنا لا نرى أنّ أصحاب الكهف كانوا منجمدين ، بل نقول بالتحديد إنّ النوم العميق يؤدّي إلى بطء فعالية أجهزة الجسم إلى ادنى حدّ ومن المحتمل في هذه الحالة أن تكفي الطاقة المخزونة لديه لإدامة الحياة عدّة قرون ، لأنّ نوماً كهذا ليس أمراً معتاداً وقد تحقق بإذن الله وفي ظروف خاصة غير طبيعية.
يقول القرآن الكريم إنّ نور الشمس لم يمسّهم أبداً : (وَتَرى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَّزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الَيمِيْنِ وَاذَا غَرَبَتْ تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ). (الكهف / ١٧)
أمّا مسألة السبات (لو تتبعنا حياة كثير من الحيوانات لوجدنا أنّها تغرق في سبات عميق طيلة الشتاء) في عصرنا الحاضر من الامور البديهية ، ففي هذا النوع من الرقاد تتوقف الحياة في الأجسام تقريباً ولا يبقى إلّابصيص منها ، فضربات القلب تهبط إلى حدٍ وكأنّه قد توقف عن العمل ، ويمكن تشبيه جسم الحيوان في هذه الحالة بأفران ضخمة لم يبق فيها بعد خمود نارها إلّاشعلة صغيرة ، وممّا لا ريب فيه هو أنّ مقدار الوقود الذي تحتاجه الافران لحرقه في يوم واحد قد تتغذّى عليه تلك الشعلة الصغيرة مئات السنين.
إنّ العلماء يرون أنّ السبات لا يختص بالحيوانات التي لا تتناسب درجة حرارة أبدانها مع درجة حرارة محيطها بل يحصل السبات لدى الحيوانات ذات درجة الحرارة الثابتة
__________________
(١) مجلة (دانستنيها) تشرين الثاني ـ ١٩٨٢ ، العدد ٨٠.