يَوْمَ الفَصْلِ كَانَ مِيْقَاتاً). (النبأ / ١٧)
وورد نفس التعبير عن يوم القيامة في آيات متعددة اخرى من آيات القرآن أيضاً.
و «الفصل» : في الأصل بمعنى افتراق شيئين عن بعضهما ، : ولهذا اطلق على يوم القيامة يوم الفصل ، لأنّ الحق يُفْصَلُ عن الباطل في ذلك اليوم وترفع جميع الاختلافات بواسطة القضاء الإلهي وبهذا يُفْصَلُ الصالحون والطاهرون عن الطالحين والأرجاس.
قال المرحوم الطبرسي في «مجمع البيان» : «سوف تبيَّضُ هناك وجوه أصحابِ الحقِّ وتمتلئ بالنور وتسودّ وجوه أهل الباطل ويعمّها الظلام» (١).
فهل يبقى داعٍ للاختلاف بين الحق والباطل عند ظهور مثل هذه العلائم البيِّنة؟
أشارت هذه الآية إلى ستة أديان كانت سائدة في عصر نزول القرآن وكانت تمثّل الاديان الرئيسية آنذاك ، قال تعالى الذين آمنو (المسلمون) واليهود والصابئة (وهم اتباع يحيى عليهالسلام إلّاأنّهم انحرفوا عن رسالته فأطلقوا عليهم اسم عبدة النجوم) والنصارى (المسيحيون) والمجوس (الزرادشتيون) والمشركين وعبدة الاوثان ، ثم قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ ...).
فإذا كان الإنسان في هذه الدنيا بحاجة إلى الاستدلال والمنطق من أجل المتمييز بين أهل الحق وأهل الباطل فهو في ذلك اليوم يستغني عن كل ذلك فإذا كان المصداق العيان فما الحاجة للبيان لأنّ لون الوجوه يدل على سرائر أصحابها!
* * *
توضيح
من خلال الآيات الخمس المذكورة وذكر خمسة عناوين مختلفة : «الانباء» و «التبيين» و «الحكم» و «القضاء» و «الفصل» اتضحت الحقيقة بأفضل أساليب البيان وأنّ يوم القيامة يوم انتهاء الاختلافات ويوم تجلّي الحقائق وفرز الحق عن الباطل ويوم الحكم والقضاء النهائى.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٧٦.