وكيف لا يكون الأمر كذلك ويوم القيامة يوم البروز ويوم الظهور : (وَبَرَزُوا لِلّهِ الْوَاحِدِ القَهَّار). (إبراهيم / ٤٨)
ويوم رفع الحُجب وكشف الغطاء : (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ). (ق / ٢٢)
إنّ الطبيعة المظلمة لعالم الدنيا أو التي يمتزج فيها النور بالظلمة لا تفسح المجال لظهور الحقائق على ماهِيَّتِها ، كالليل بالضبط ، فالإنسان مهما يبذل جُهْدَهُ لكشف الحقائق بواسطة المصابيح إلّاأنّ قسماً كبيراً منها يبقى في دائرة الظلام ، أمّا القيامة فهي تشبه سطوعَ الشمس التي تكشف بأشعتها كل شيء.
من الممكن أن يكتشف فريقٌ طريقهم في الظلام إلّاأنّ فريقاً آخر يضلُّ عن الطريق ، كما أنّه من الممكن للَّذينَ سلكوا طريقاً ما أن يصفه كل واحد منهم بوصفٍ يتناسب مع منظاره الخاصّ ، وهناك مثال معروف في توضيح هذا الأمر وهو إنّ عدداً من الأشخاص الذين لم يشاهدوا الفيل من قبل دخلوا في غرفة مظلمة فيها ذلك الحيوان ، ثم لمس كلّ واحد منهم عضواً من أعضاء الفيل ، ولمّا خرجوا أخذ كل واحد منهم يصف ذلك الحيوان فوصفوه بصفات متناقضة ، فالذي لمس رجل الفيل وصفه بأنّه يشبه العمود! ومن لمس خرطوم الفيل وصفه بأنّه انبوب كبير ، والثالث الذي لمس صدر الفيل وصفه بأنّه يشبه السقف ، ولكن عندما أُخرج الفيل من الظلام بانت الحقيقة لهم ورُفعت تلك التناقضات وعلم الجميع أنَّ وصفهم كان قاصراً!
فالإنسان ـ وكما أشرنا سابقاً ـ لديه الاستعداد التامُّ للخروج من خضم أمواج الاختلافات وأن يضع قدمه في عالم اليقين وعدم الاختلاف ، ومن البديهي أنّ الله تعالى الذي خلق الإنسان سوف لن يحرمه من هذا الفيض.
فالاختلاف يسلب الطمأنينة وهو مِنْ موانع الوصول إلى التكامل ، والسبب في نفوذ الشكّ إلى جذور المعتقدات في بعض الأحيان ، بناءً على هذا علينا السعي لبلوغ المرحلة التي تنتهي فيها هذه المؤثّراتُ السلبية.