كما لاحظنا هذا الموضوع أيضاً لدى الأنبياء «غير أولى العزم» في الأحداث التي مرت على آدم عليهالسلام وماتعلق بها مثل قصة أولاد آدم وقصة إبليس.
ولا بأس هنا من الاطلاع على هذا الموضوع من خلال ما جاء على لسان سائر الأنبياء عليهمالسلام :
عندما بُعث شعيب عليهالسلام الذي كان يعيش في فترة حياة موسى عليهالسلام إلى مدينة (مدين) (مدينة تقع جنوب غرب الاردن اسمها الحالي (معان) وتقع شرق خليج العقبة) قال لقومه : (فَقَالَ يَا قَومِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَاتَعْثَوا فِي الْارَضِ مُفسِدِينَ). (العنكبوت / ٣٦) لقد أكّد شعيب عليهالسلام في بداية دعوته على مبدأين أساسيين تعتمد عليهما جميع الأديان هما «المبدأ» و «المعاد» ودعا الناس للإيمان بهما.
والمراد من رجاء اليوم الآخر هو رجاء نيل الثواب الإلهي في ذلك اليوم ، أو أن يكون معنى الرجاء هنا بمعنى الإيمان والاعتقاد بذلك اليوم.
* * *
والآية التاسعة تتحدث عن حوار «يوسف عليهالسلام» مع صاحبيه في السجن ، قال تعالى عن لسان يوسف : (... انِّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَومٍ لَايُؤمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالآخرَةِ هُمْ كَافِرُونَ).
والسبب في استعماله لهذا التعبير هو أنّ مشركي ذلك الزمان عبدة الأصنام كانوا يعتقدون بالله إلّاأنّهم كانوا يعتقدون بأنّ المعاد والجزاء يحصلان بواسطة التناسخ ، فهؤلاء كانوا يعتقدون بأنّ روح الإنسان بعد الموت تحل في جسم إنسان آخر في هذه الدنيا وتتلقى ثوابها وعقابها خلال الحياة الجديدة ، لكنّ دين التوحيد يرفض عقيدة التناسخ وعودة الأرواح في هذه الدنيا كما أنّه يرفض عقيدة الشرك أيضاً ، لذا عدّهم يوسف مشركين وجاحدين للمعاد(١).
و «الملّة» : في الأصل بمعنى (الدين) والفرق بين الملّة والدين هو أنّ الدين يضاف إلى الله وإلى الأشخاص معاً ، فيقال دين الله أو دين محمد صلىاللهعليهوآله بينما تضاف الملّة عادة إلى الأنبياء
__________________
(١) تفسير الميزان ج ١١ ، ص ١٨٩.