ومهما يكن من شيء فإنّ هذه الآية تدل بوضوح على وجود الاعتقاد بالمعاد لدى اليهود والنصارى.
وفي الآية السابعة نلاحظ تعرّض «المسيح» عليهالسلام لذكر المعاد عندما تكلم في المهد بإذن الله تعالى ، فقال في بعض كلامه : (وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ ابْعَثُ حَيّاً).
والسبب في اختيار هذه الأيّام الثلاثة (يوم الولادة ويوم الموت ويوم البعث) هو خطورتها ودورها المهم في تقرير المصير ، وبتعبير آخر أنّ كل يوم من هذه الأيّام الثلاثة يشكل بداية لفصل جديد في مسار الإنسان وتعتبر السلامة امرٌ مهم فيها ولا تتيسر إلّابلطف من الله ، فطلب المسيح عليهالسلام أن يمن الله بلطفه عليه في هذه الأيّام الثلاثة.
بالإضافة إلى ذلك فقد وجّه نداءه بنفي الوهيته ومذ كان في المهد وصرّح بأنّه كسائِر عباد الله بعثه الله للناس جميعاً.
وجاء في الآية ١٥ من نفس هذه السورة ذِكر هذا الموضوع عند الحديث عن النبي يحيى عليهالسلام ، لكن الفرق بينهما هو كون الخطاب هنا صدر عن المسيح عليهالسلام والخطاب هناك عن الله تعالى.
جاء في الحديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام : «إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن : يوم ولد من بطن امه فيرى الدنيا ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ويوم يبعث حياً فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا».
ثم تعرّض الإمام لذكر الآيات المتعلقة بالنبي يحيى والمسيح عليهماالسلام الواردة في هذا المجال(١).
وعلى أيّة حال فقد أشارت الآية المذكورة بوضوح إلى أنّ مسألة المعاد كانت من الامور البديهية لدى الأقوام السالفة ممّا جعل المسيح يتحدّث عنها وهو في المهد.
إلى هنا تحدثنا بصورة موجزة عن موضوع المعاد في شريعة أربعة أنبياء من «اولي العزم» ، وإذا ما أضفنا الآيات الكثيرة الواردة في موضوع المعاد في شريعة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله فسوف يختتم الحديث عن المعاد في خمس شرائع.
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٣٣٥ ، ح ٧٥.