الفريضة الإلهيّة ، فهؤلاء كانوا يذهبون إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ويتحجّجون بحجج واهية ، ليحرجوا النبي صلىاللهعليهوآله حتّى يأذن لهم بعدم الذهاب إلى سوح القتال ، وبهذا كانوا يريدون أن يتخلَّصوا من ثقل هذه الفريضة المهمّة ، من دون أن يكونوا في الظاهر قد ارتكبوا معصية!
قال تعالى : (لَايَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَانْفُسِهِمْ). (التوبة / ٤٤)
بل عندما يأتي الأمر بالجهاد يذهبون نحو ميادين القتال بكل اشتياق ورغبة ، فهل يحتاج القيام بالواجب إلى الاذن؟
ثم يضيف : (إِنَّمَا يَسْتَأذِنُكَ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ).
وهذا لا ينحصر طبعاً بفريضة الجهاد ، فالمؤمنون الذين لديهم اعتقاد بالمعاد ، يتسلحون بعزم راسخ وإرادة قوية لا تتزلزل في جميع المجالات ، عند انجازهم للتكاليف الإلهيّة الموكلة إليهم ، لكن عديمي الإيمان والذين ضعف إيمانهم وتزلزل ، وبالأخص المنافقون يسعون دائماً للتخلص من عبء التكاليف ، مع أنّهم في نفس الوقت يحاولون أن يظهروا بمظهر من يلتزم بالموازين الشرعية وأنّ الشرع قد استثناهم من هذا المجال ، ويالها من علامة حسنة للتمييز بين المؤمنين والمنافقين الذين يضمرون الكفر!.
* * *
وتحدّثت الآية التاسعة عن الذين يتعاملون بعنف مع الأيتام بسبب عدم إيمانهم بيوم الدين ، والذين لا يشجعون الآخرين على اطعام المساكين ، قال تعالى : (أَرَأَيتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذلِكَ الَّذِى يَدُعُّ اليَتِيمَ* وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ).
وكلمةُ «يدعّ» مشتقة من مادة «دعّ» (على وزن سدّ) وهي في الأصل بمعنى الطرد المقرون بالغلظة ، وكلمة «يحُضُّ» مشتقة من مادة «حضّ» وهي بمعنى تشجيع الآخرين على القيام بعملٍ ما ، وبما أنّهما جاءتا في الآية المذكورة بصيغة المضارع فهما تدلان على الاستمرار ، و «طعام» بمعنى «إطعام».
وبما أنّ «الفاء» في «فذلك» في الآية المذكورة «للسببية» فهذا يدل بوضوح على أنّ