أيضاً ، وقد وضَّحت الروايات العلاقة الوثيقة والجذرية والدائمة الموجودة بين هذين الموضوعين ، ونذكر فيما يلي نموذجاً من هذه الروايات :
١ ـ قال على عليهالسلام في نهج البلاغة : «واللهِ لأَنْ أَبيتَ على حَسَكِ السَّعْدان مُسَهَّداً ، أو اجَرُّ في الأَغلالِ مُصفداً ، أَحَبُّ الىَّ من أَنْ القى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد وغاصباً لشيءٍ من الحطام» (١).
وذكر عليهالسلام بعد هذه الجُمَل قصة أخيه «عقيل» المعروفة ، إذْ لجأ إليه أخوه من شدّة ما أصابه من الفقر والفاقة فطلب منه أن يعطيه أكثر ممّا يستحقّه من بيت المال خلافاً لما تقتضيه العدالة الإسلامية.
لكنّ الإمام عليهالسلام وضع قطعة من الحديد في النار وبعد أن احمرّ لونها قرّبها من يد أخيه فضجّ أخوه بالعويل ، فقال له الإمام عليهالسلام : «كيف تصرخ من ألم هذه النار التي هي العوبة يُلهى بها؟ وتجرّني إلى نارٍ أججها الجبار لغضبه وانتقامه» (٢)!
يلاحظ من خلال هذه الكلمات قوّة الإيمان بالمعاد وتأثيرها في الحثّ على إقامة العدالة والوقوف أمام جميع الانحرافات ، وهي نموذج حيّ عن تجلّي الإيمان بالقيامة ومحكمة العدل الإلهي في أعمال الإنسان.
٢ ـ وَرُوِي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «من أَيقنَ بالخلف جاد بالعطية» (٣).
وهذه الرواية تدل بوضوح على أنّ الإيمان بالمعاد يجعل الإنسان متصفاً بالجود والسخاء.
٣ ـ وجاء في غرر الحكم نقلاً عن الإمام علي عليهالسلام في عبارة صريحة أنّه قال : «اجعل هَمّك لمعادك تصلُح» (٤).
٤ ـ وجاء في ملحمة كربلاء وعاشوراء أنّ الحسين عليهالسلام جمع أصحابه يوم عاشوراء وقام
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٤.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٤. (باختصار).
(٣) بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ٣٨٥ ؛ نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ١٣٨.
(٤) غرر الحكم ؛ ميزان الحكمة ، ج ١ ، ص ٣٧ ، ح ١٣٣.