يضاف إلى الجواب : (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
فبداية الآية تشير إلى المنزل الأول أي «الموت» وذيلها يشير إلى المنزل الثاني أي «البرزخ».
وبالرغم من اصرار البعض على تفسيرهم البرزخ هنا بمعنى الحائل الذي يحول بين الإنسان ودرجات الجنّة العُليا ، إلّاأنّ جملة «إلى يوم يبعثون» تعتبر قرينة واضحة ، على أنّ عالم البرزخ هو مرحلة تسبق يوم القيامة ، وتقع بعد الموت.
كما فسّر البعض البرزخ أنّه بمعنى المانع الذّي يحول بين الإنسان والعودة إلى الدنيا ، لكنّ هذا المعنى أيضاً لا يتلاءم مع ذيل الآية وهو التصريح ببقاء هذا البرزخ إلى يوم القيامة ، وبهذا أثبتت الآية المذكورة بوضوح وجود عالم يتوسط بين الدنيا والآخرة.
وكلمة «وراء» تأتي أحياناً بمعنى «الخلف» وأحياناً اخرى بمعنى «الأمام» ، وذلك لأنّ هذه الكلمة من مادة (ورى) على وزن «سعى» وهي بمعنى الاخفاء ، فمن يقف إلى أحد جانبي الجدار مثلاً يعدّ الطرف الآخر الذي يخفى عليه «وراء» بالنسبة له ، بناء على هذا فالإنسان في أيّ جهة كان من الجدار يعدّ الطرف المقابل له «وراء» بالنسبة له (١).
جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام : «اتخوَّف عليكم من البرزخ». (٢)
فسأله الراوي : ما البرزخ؟
فقال عليهالسلام : «القبرُ منذ حينَ موتهِ إلى يوم القيامة» (٣).
وجاء في حديث آخر عن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام أنّه قال : «إنّ القبر روضةٌ من رياض الجنّة ، أو حفرةٌ من حُفَر النيران» (٤).
* * *
__________________
(١) مفردات الراغب ، مادة (ورى).
(٢) منازل الآخرة ، ص ١٦١.
(٣) تفسير البرهان ، ج ٣ ، ص ١٢٠ ، ح ٢ و ١.
(٤) المصدر السابق.