وقوله : (وَبَلَغْنا (١) أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) أى حدّ الموت. وقيل : حدّ الهرم. وقوله : (ثُمَّ قَضى (٢) أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) فالأول البقاء فى هذه الدّنيا ، والثانى البقاء فى الآخرة. وقيل : الأوّل هو البقاء فى الدّنيا ، والثانى (مدة) (٣) ما بين الموت إلى النشور ، عن الحسن. وقيل : الأوّل للنوم ، والثانى للموت ، إشارة إلى قوله ـ تعالى ـ (اللهُ (٤)يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) عن ابن عبّاس رضى الله عنه. وقيل : الأجلان جميعا : الموت ، فمنهم من أجله بعارض ؛ كالسّيف والغرق والحرق وكلّ مخالف ، وغير ذلك من الأسباب المؤدية إلى الهلاك. ومنهم من يوقّى (٥) ويعافى حتى يموت حتف (٦) أنفه. وهذان المشار إليهما : من أخطأته سهم (٧) الرّزية لم يخطئه سهم المنيّة ؛ وقيل : للنّاس أجلان ، منهم من يموت عبطة (٨) ، ومنهم من يبلغ حدّا لم يجعل الله فى طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها. وإليهما أشار بقوله : (وَمِنْكُمْ (٩) مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) وقصدهما الشاعر (١٠) بقوله :
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب |
|
تمته ومن تخطئ يعمّر ويهرم |
__________________
(١) الآية ١٢٨ سورة الأنعام.
(٢) الآية ٢ سورة الأنعام.
(٣) زيادة من الراغب.
(٤) الآية ٤٢ سورة الزمر.
(٥) ا ، ب : «يوفى» وما أثبت عن الراغب وقد يكون ليوفى معنى أى لا ينقص عمره.
(٦) يقال مات حتف أنفه أى على فراشه من غير قتل ولا ضرب ولا حرق ولا غرق ، كما فى القاموس.
(٧) ا : «أخطأ به» والكلمة فى ب غير ظاهرة. وما هنا عن الراغب. والتأنيث لاضافة السهم الى الرزية. والظاهر أن الأصل (سهام) فكتبت من غير ألف.
(٨) يقال مات عبطة : شابا صحيحا.
(٩) الآية ٥ سورة الحج.
(١٠) هو زهير فى معلقته.