حمله كثير من المفسّرين على أنّهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم ، حتى (١) تأوّلوا ما جاء فى القرآن من كل كلام يشبه الموزون ، من نحو (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ). وقال بعض المحصّلين : لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به. وذلك أنّه ظاهر من القرآن المجيد أنّه ليس على أساليب الشّعر ، وهذا ممّا لا يخفى على الأغتام (٢) من الأعجام ، فضلا عن بلغاء العرب. وإنّما رموه بالكذب : فإنّ الشّعر يعبّر به عن الكذب ، والشّاعر الكاذب : حتى سمّى قوم الأدلة الكاذبة : (الأدلّة) (٣) الشعريّة. ولكون الشعر مقرّا للكذب قيل : أحسن الشعر أكذبه. وقال بعض الحكماء : لم ير متديّن صادق اللهجة مفلقا فى شعره.
والمشاعر : الحواسّ ، (وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) ونحوه معناه : لا تدركونه بالحواسّ. ولو قال فى كثير ممّا جاء فيه (لا يَشْعُرُونَ) : لا يعقلون ، لم يكن يجوز ؛ إذ كان كثير ممّا لا يكون محسوسا قد يكون معقولا.
والشّعار : الثّوب الّذى يلى الجسد لمماسّة الشّعر. والشعار أيضا : ما يشعر الإنسان به نفسه فى الحرب ، أى يعلم.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين زيادة من التاج (شعر) فيما نقله عن البصائر. وظهر من هذا أن صاحب التاج كانت لديه نسخة للكتاب غير الأصلين اللذين بأيدينا. وهذه الزيادة أيضا فى مفردات الراغب التى يعتمد عليها المصنف وينقل عنها.
(٢) الأغتام الذين لا يفصحون عن مرادهم
(٣) زيادة من التاج