ولهذا قال عمر ـ رضى الله عنه ـ بلينا بالضّرّاء فصبرنا ، وبلينا بالسّراء فلم نصبر. وقال علىّ ـ رضى الله عنه ـ : من وسّع عليه (١) دنياه ، فلم يعلم أنه قد مكر به ، فهو مخدوع عن عقله. وقال ـ تعالى ـ : (وَنَبْلُوكُمْ (٢) بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً). وقوله : (بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) راجع إلى المحنة التى فى قوله : (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) ، وإلى المحنة الّتى أنجاهم. وإذا قيل : بلا الله كذا ، وابتلاه ، فليس المراد إلّا ظهور جودته ورداءته ، دون التعرّف لحاله ، والوقوف على ما يجهل منه ، إذ كان الله تعالى علّام الغيوب. وعلى هذا قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذِ ابْتَلى (٣) إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) وأبلاه (٤) : أحلفه و [أبلى] حلف له ، لازم متعدّ.
وبلى : ردّ للنفى : (وَقالُوا لَنْ (٥) تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) إلى قوله : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) أو جواب لاستفهام مقترن بنفى ؛ نحو (أَلَسْتُ (٦) بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ونعم يقال فى الاستفهام المجرّد ؛ نحو (فَهَلْ وَجَدْتُمْ (٧) ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) ، ولا يقال هاهنا : بلى. فإذا قيل : ما [عندى](٨) شىء فقلت : بلى كان ذلك ردّا لكلامه. فإذا قلت : نعم كان إقرارا منك.
__________________
(١) ا ، ب : «علينا»
(٢) الآية ٣٥ سورة الأنبياء
(٣) الآية ١٢٤ سورة البقرة
(٤) ا ، ب : «ابتلاه» وما أثبت عن الراغب والقاموس
(٥) الآية ٨٠ سورة البقرة
(٦) الآية ١٧٢ سورة الأعراف
(٧) الآية ٤٤ سورة الأعراف
(٨) زيادة من الراغب