وما أخبر به عن اليوم الآخر وغير ذلك. فالتسليم له ترك منازعته بشبهات المتكلّمين الباطلة ، وإمّا بشهوة تعارض أمر الله. فالتّسليم للأمر بالتخلّص منها ، أو إرادة تعارض مراد الله من عبده (١) ، فتعارضه إرادة تتعلق بمراد العبد من الرّب. فالتّسليم بالتّخلّص منها. أو اعتراض [ما] يعارض حكمته فى خلقه وأمره بأن يظنّ أنّ مقتضى الحكمة خلاف ما شرع وخلاف ما قضى وقدّر. فالتّسليم التخلّص من هذه المنازعات كلها.
وبهذا تبيّن أنّه من أجلّ مقامات الإيمان ، وأعلى طرق (٢) الخاصّة ، وأنّ التسليم هو محض الصّدّيقيّة.
ثمّ إنّ كمال التسليم السّلامة من رؤية التسليم بأن يعلم أنّ الحقّ تعالى هو الّذى يسلّم إلى الله نفسه دونه (٣). فالحقّ تعالى هو الّذى سلّمك إليه ، فهو المسلّم وهو المسلّم إليه ، وأنت آلة التسليم. فمن شهد هذا المشهد ووجد ذاته مسلّما إلى الحقّ ، وما سلّمها إلى الحقّ غير الحقّ ، فقد سلم العبد من دعوى التسليم ؛ والله أعلم.
__________________
(١) ا ، ب : «عنده».
(٢) ب : «طرف».
(٣) ا ، ب : «ما دونه».