وأصل الثّوب رجوع الشىء إلى حالته الأولى التى كان عليها ، أو إلى حالته المقدّرة المقصودة بالفكرة ، وهى الحالة المشار إليها بقولهم : أول الفكرة آخر العمل.
فمن الرّجوع إلى الحالة الأولى قولهم : ثاب فلان إلى داره ، وثاب (١) إلىّ نفسى. ومن الرّجوع إلى الحالة المقصودة المقدّرة بالفكرة الثوب ، سمّى بذلك لرجوع الغزل إلى الحالة الّتى قدّر لها. وكذا ثوب العمل. وجمع الثوب أثواب ، وثياب.
والثواب : ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله. فسمّى الجزاء ثوابا تصوّرا أنّه هو (٢). ألا ترى أنه كيف جعل الجزاء نفس الفعل فى قوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ (٣) مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) ولم يقل : ير جزاءه.
والثواب يقال فى الخير والشر ، لكن الأكثر المشهور فى الخير. وكذلك المثوبة. وقوله تعالى (هَلْ (٤) أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً) فإنّ ذلك استعارة فى الشرّ كاستعارة البشارة فيه. والإثابة يستعمل فى المحبوب (فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ)(٥) وقد قيل ذلك فى المكروه أيضا نحو (فَأَثابَكُمْ غَمًّا (٦) بِغَمٍّ) على الاستعارة كما تقدّم. والتثويب لم يرد فى التّنزيل إلّا فيما يكره نحو (هَلْ (٧) ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ).
وقوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ (٨) مَثابَةً لِلنَّاسِ) قيل : معناه : مكانا
__________________
(١) فى الراغب : «ثابت»
(٢) فى الراغب : «هو هو»
(٣) الآية ٧ سورة الزلزلة
(٤) الآية ٦٠ سورة المائدة
(٥) الآية ٨٥ سورة المائدة
(٦) الآية ١٥٣ سورة آل عمران
(٧) الآية ٣٦ سورة المطففين
(٨) الآية ١٢٥ سورة البقرة