وهو الحبّ اللازم للقلب ملازمة الغريم لغريمه ، ثمّ الودّ وهو صفو المحبّة وخالصها ولبّها ، ثمّ الشغف ، شغف بكذا فهو مشغوف أى وصل الحبّ شغاف قلبه وهو جلدة رقيقة على القلب ، ثمّ العشق وهو الحبّ المفرط الّذى يخاف على صاحبه منه ، وبه فسّر (وَلا تُحَمِّلْنا (١) ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ثمّ التتيّم وهو المحبّة والتذلّل ، تيّمه الحبّ أى عبّده وذلّله وتيم الله عبد الله ، ثمّ التعبّد وهو فوق التتيّم فإنّ العبد الذى (٢) ملك المحبوب رقّه فلم يبق له شىء من نفسه البتّة ، بل كلّه لمحبوبه ظاهرا وباطنا. ولمّا كمّل سيّد ولد آدم هذه المرتبة وصفه الله بها فى أشرف مقاماته بقوله (سُبْحانَ (٣) الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) وفى مقام الدّعوة (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ (٤) عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) وفى مقام التحدّى (وَإِنْ كُنْتُمْ (٥) فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) وبذلك استحقّ التقدّم على الخلائق فى الدّنيا والآخرة. العاشر : مرتبة الخلّة الّتى انفرد بها الخيلان إبراهيم ومحمّد عليهما الصّلاة والسّلام ؛ كما صحّ عنه «إنّ الله (٦) اتّخذنى خليلا كما اتّخذ إبراهيم خليلا» وقال «لو كنت (٧) متّخذا من أهل الأرض خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الرّحمن» والخلّة هى المحبّة الّتى تخلّلت روح [المحب] وقلبه حتى لم يبق فيه موضع لغير محبوبه.
والأسباب الجالبة المحبة عشرة : الأول : قراءة القرآن بالتّدبّر والتفهّم لمعانيه وتفطّن مراد الله منه. الثانى : التّقرّب إلى الله تعالى بالنّوافل بعد
__________________
(١) الآية ٢٨٦ سورة البقرة.
(٢) هو خبر ان.
(٣) أول سورة الاسراء.
(٤) الآية ١٩ سورة الجن.
(٥) الآية ٢٣ سورة البقرة.
(٦) رواه الطبرانى كما فى الجامع الصغير ، وفى شرحه أن اسناده ضعيف.
(٧) ورد فى أثناء حديث فى البخارى فى فضائل أبى بكر ، ببعض اختلاف فى اللفظ.