يكون منه تلفّت بوجه إلى الحقّ. يورثه ذلك هيئة تمرّنه (١) على استحسان المعاصى كأنما (٢) يختم بذلك على قلبه. وعلى ذلك (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ)(٣) وعلى هذا النحو استعارة الإغفال فى قوله : (أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا)(٤) ، واستعارة الكنّ فى قوله : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً)(٥) ، واستعارة القساوة فى قوله : (وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً)(٦). قال الجبّائىّ : يجعل الله ختما على قلوب الكفّار ليكون دلالة للملائكة على كفرهم فلا يدعون لهم ، وليس ذلك بشيء لأنّ هذه الكتابة إن كانت محسوسة فمن حقّها أن يدركها أصحاب التشريح ، وإن كانت معقولة غير محسوسة فالملائكة باطّلاعهم على اعتقاداتهم مستغنية عن الاستدلال. وقال بعضهم : ختمه شهادته تعالى عليه أنّه لا يؤمن ، وقوله تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ)(٧) أى نمنعهم من الكلام. (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ)(٨) لأنّه ختم النبوّة أى تممها (٩) بمجيئه. وقوله تعالى : (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ)(١٠) يريد به ختم الحفظ والحياطة فى صدره صلىاللهعليهوسلم. وقوله تعالى : (خِتامُهُ مِسْكٌ)(١١) [قيل](١٢) أى ما يختم به أى يطبع ، وإنما معناه منقطعه وخاتمة شربه أى سؤره [فى](١٣) الطّيب مسك. وقول من قال
__________________
(١) فى الأصلين : «يمر به» وما أثبت من الراغب.
(٢) كذا فى ب. وفى أوهامش : «كأنها».
(٣) الآية ١٠٨ سورة النحل.
(٤) الآية ٢٨ سورة الكهف.
(٥) الآية ٢٥ سورة الأنعام ، والآية ٤٦ سورة الاسراء.
(٦) الآية ١٣ سورة المائدة.
(٧) الآية ٦٥ سورة يس.
(٨) الآية ٤٠ سورة الاحزاب.
(٩) فى الأصلين : «تمم» وما أثبت من الراغب.
(١٠) الآية ٢٤ سورة الشورى.
(١١) الآية ٢٦ سورة المطففين.
(١٢) زيادة من الراغب.
(١٣) زيادة من الراغب.