وقول أهل اللّغة إنّ هذا على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فيجب أن يعلم أنّ المقصود بمثله فى الحذف لا يحصل لو أتى بالمضاف المحذوف لما ذكرنا من التنبيه على أمرين :
أحدهما : فظاعة فعلهم فيما تحرّوه (١) من الخديعة ، وأنّهم بمخادعتهم إيّاه يخادعون الله.
والثانى : التنبيه على عظم المقصود بالخداع وأنّ معاملته كمعاملة الله. وقوله تعالى : (وَهُوَ خادِعُهُمْ) قيل : معناه : مجازيهم بالخداع.
وخدع الضبّ أى استتر فى جحره. واستعمال ذلك فى الضبّ لما اعتقدوا فى الضبّ أنّه يعدّ عقربا تلدغ من يدخل يده فى جحره حتّى قيل : العقرب بوّاب الضّبّ وحاجبه. ولاعتقاد الخديعة فيه قيل : أخدع من ضبّ. وطريق خادع وخيدع : مضلّ كأنّه يخدع سالكه. وقيل : المؤمن يخدع عن درهمه ولا يخدع عن دينه ، والمنافق يخدع عن دينه ولا يخدع عن درهمه. وفى الحديث «إنّ بين يدى السّاعة سنين خدّاعة» قيل معناه أنّ النّاس فيها خدّاع. وقيل : من قولهم سنة خادعة إذا مضت سريعة ، أى سنون تمرّ سريعة لقربها من القيامة ، ولغفلة النّاس فيها عن مرور الأيّام.
قال :
ألا إنّ دنياك مثل الوديعه |
|
جميع أمانيك فيها خديعه |
فلا تغترر بالّذى نلته |
|
فما هى إلّا سراب بقيعه |
__________________
(١) كذا فى أ. وفى ب : «يحرون» وكأن أصله «يتحرون» وفى الراغب : «تجرءوه» وكأن الأصل : تجرءوا عليه ، فحذف الخافض وأوصل الفعل بالضمير.