(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ)(١) ، وقال تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ)(٢) أى سكنت وذلت وخضعت. ورأى النبىّ صلىاللهعليهوسلم رجلا يعبث بلحيته فى الصّلاة فقال : «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» وكان بعض الصّحابة يقول : أعوذ بالله من خشوع النّفاق فقيل : ما خشوع النفاق؟ فقال : أن يرى البدن خاشعا والقلب غير خاشع. وقال حذيفة : أوّل ما تفقدون من دينكم الخشوع ، ويوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيهم خاشعا. وقال سهل : من خشع قلبه لم يقرب منه الشيطان. قال عبد الله بن المعمار :
رقة فى الجنان فيها حياء |
|
فيهما هيبة وذاك خشوع |
ليس حال ولا مقام وإن فا |
|
ضت عليه من العيون دموع |
وقيل : الخشوع الاستسلام للحكمين ، أعنى الحكم الدّينىّ الشّرعىّ فيكون معناه عدم معارضته برأى أو غيره ، والحكم القدرىّ وهو عدم تلقّيه بالتسخط والكراهة والاعتراض ؛ والاتّضاع (٣) أعنى اتّضاع القلب والجوارح وانكسارها لنظر الرّبّ إليها واطّلاعه على تفاصيل ما فى القلب والجوارح. فخوف العبد فى هذا المقام يوجب خشوع القلب لا محالة. وكلّما كان أشدّ استحضارا له كان أشدّ خشوعا. وإنّما يفارق القلب الخشوع إذا غفل عن اطّلاع الله تعالى ونظره إليه.
__________________
(١) صدر سورة المؤمنين.
(٢) الآية ١٠٨ سورة طه.
(٣) معطوف على قوله : «الاستسلام».