ويخاف ألا يقبل منه. قال الحسن رحمهالله : عملوا لله بالطّاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن تردّ عليهم. إنّ المؤمن جمع إيمانا وخشية ، والمنافق جمع إساءة وأمنا. والخشية والخوف والوجل والرّهبة ألفاظ متقاربة غير مترادفة.
فالخوف : توقّع العقوبة على مجارى الأنفاس ، قاله (١) جنيد. وقيل : اضطراب القلب وحركته من تذكّره المخوف. وقيل : الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره.
والخشية أخصّ من الخوف ؛ فإنّ الخشية للعلماء بالله تعالى كما تقدّم. فهى خوف مقرون بمعرفة. قال النبىّ صلىاللهعليهوسلم «إنّى أتقاكم لله وأشدّكم له خشية» فالخوف حركة ، والخشية انجماع (٢) وانقباض وسكون ، فإنّ الّذى يرى العدوّ والسّيل ونحو ذلك له حالتان : إحداهما حركة الهرب منه ، وهى حالة الخوف ، والثانية سكونه وقراره فى مكان لا يصل إليه وهى الخشية ، ومنه الخشّ : الشىء [الأخشن](٣) والمضاعف والمعتل أخوان ؛ كتقضّى البازى وتقضّض.
وأمّا الرّهبة فهى الإمعان فى الهرب من المكروه ، وهى ضدّ الرّغبة الّتى هى سفر القلب فى طلب المرغوب فيه. وبين الرّهب والهرب تناسب فى اللفظ
__________________
(١) انظر الرسالة القشيرية ٧٨
(٢) فى الاصلين : «الجماع» والمناسب ما أثبت. والانجماع : اعتزال الناس كأنه يجمع نفسه عنهم .. وهذه لفظة مولدة فيما أعلم.
(٣) زيادة من القاموس. ولا تظهر الصلة بين الخشية والخش بهذا المعنى. اللهم الا أن يقال : ان الاخشن كالمنجع المنقبض ينأى عن الناس وينأون عنه.