ويخاف أن لا يقبل منه» وقال الحسن : عملوا والله الصّالحات واجتهدوا فيها ، وخافوا أن تردّ عليهم. وقال الجنيد : الخوف توقع العقوبة على مجارى الأنفاس. وقيل : الخوف : اضطراب القلب وحركته من تذكّر المخوف. وقيل : الخوف : هرب القلب من حلول المكروه وعند استشعاره. وقيل : الخوف العلم بمجارى الأحكام. وهذا سبب الخوف لا نفسه. وقال أبو حفص (١) : الخوف سوط الله يقوّم به الشاردين عن بابه. وقال : الخوف سراج فى القلب يبصر به ما فيه من الخير والشرّ. وكلّ واحد (٢) إذا خفته هربت منه إلّا الله فإنّك إذا خفته هربت إليه. وقال إبراهيم بن سفيان : إذا سكن الخوف القلب أحرق مواضع الشّهوات منه وطرد الدّنيا عنه. وقال ذو النّون : الناس على الطّريق ما لم يزل عنهم الخوف ، فإذا زال عنهم الخوف ضلّوا عن الطّريق.
والخوف ليس مقصودا لذاته بل مقصود لغيره. والخوف المحمود الصّادق : ما حال بين صاحبه ومحارم الله ، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط. وقال أبو عثمان : صدق الخوف هو الورع عن الآثام (٣) ظاهرا وباطنا. وقال الأنصارى : الخوف هو الانخلاع عن طمأنينة الأمن بمطالعة الخبر يعنى الخروج من سكون الأمن باستحضار ما أخبر الله به من الوعد والوعيد.
وأمّا التخويف من الله فهو الحثّ على التحرّز. وعلى ذلك قوله تعالى : (ذلِكَ (٤) يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ) ونهى الله تعالى عن مخافة الشيطان والمبالاة
__________________
(١) انظر فى هذا وما بعده الرسالة ٧٧.
(٢) ب : «أحد».
(٣) فى الأصلين : «الامام» وما أثبت من الرسالة.
(٤) الآية ١٦ سورة الزمر.