أى دواه وخطوب مختلفة. وهو بمنزلة عباديد (١) فى أنّه لم يستعمل واحده. وقال رجل من كلب :
لحى الله دهرا شرّه قبل خيره |
|
تقاضى فلم يحسن إلينا التقاضيا |
وقال يحيى بن زياد :
عذيرى من دهر كأنى وترته |
|
رهين بحبل الودّ أن يتقطّعا (٢) |
فنهاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذمّ الدّهر ، وبيّن لهم أنّ الطّوارق الّتى تنزل بهم منزلها الله عزّ سلطانه دون غيره ، وأنّهم متى اعتقدوا فى الدّهر أنّه هو المنزل ثمّ ذمّوه كان مرجع المذمّة إلى العزيز الحكيم ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. والّذى يحقّق هذا الموضع ويفصل بين الرّوايتين هو قوله «فإنّ الدّهر هو الله» حقيقته : فإن جالب الحوادث هو الله لا غيره ، فوضع الدّهر موضع جالب الحوادث ، كما تقول : إن أبا حنيفة أبو يوسف ، تريد أنّ النهاية فى الفقه هو أبو يوسف لا غيره ، فيضع أبا حنيفة موضع ذلك لشهرته بالتناهى فى فقهه ، كما شهر عندهم الدهر بجلب الحوادث. ومعنى الرّواية الثانية : إنّ الله هو الدّهر ، فإنّ الله هو الجالب للحوادث لا غيره الجالب ، ردّا لاعتقادهم أنّ الله ليس من جلبها فى شىء وأنّ جالبها هو الدّهر ، كما لو قلت إنّ أبا يوسف أبو حنيفة كان المعنى أنّه النّهاية فى الفقه لا المتقاصر. «هو» فصل (٣) أو مبتدأ خبره اسم الله أو الدّهر فى الرّوايتين.
__________________
(١) يقال : ذهبوا عباديد أى فى كل وجه.
(٢) ورد فى الفائق ١ / ٤٢٠
(٣) أى ضمير فصل.