الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا طلع راكبان ... فدنا إليه أحدهما ليبايعه ، فلما أخذ بيده قال : يا رسول الله ! أرأيت من رآك وآمن بك وصدقك واتبعك ، ماذا له ؟
قال : طوبى له .
قال : فمسح على يده فانصرف ، ثمّ أقبل الآخر حتى إذا أخذ بيده ليبايعه ، قال : يا رسول الله ، أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك ؟
قال : طوبى له ، ثمّ طوبى له ، ثمّ طوبى له ، فمسح بيده فانصرف (١) . وهذه الروايات أقرب إلى الصحة من الخبر الأوّل ؛ لأنّ من شاهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحبه تطلبه الآيات والمعجزات ، ومن لم يصحبه يطلبها ، فمن لم يصحبه أعظم عناء في طلب الحق ، وكلّما تأخر الزمان زاد العناء وكثرت الشكوك ، فيكون المؤمن في الأزمنة المتأخرة أولى بعظم المنزلة ، وأحق بالأجر والرعاية ، ولذا في أوّل البقرة وصف الله سبحانه المتقين ومدحهم بالذين يؤمنون بالغيب (٢) .
ولا ينافي ذلك دلالة القرآن المجيد على تفضيل السابقين ؛ ؛ لأن المقصود به تفضيل السابقين من الصحابة على اللاحقين منهم .
ولا ريب بفضل السابق منهم إلى الإيمان عن صميم القلب ، على اللاحق منهم ؛ لأنّ السبق إلى الحق رغبة فيه دليل على كمال السابق وأفضليته ، وهذا بخلاف السبق في الوجود الزماني ؛ فإنّه لا دخل له بالفضل والكمال الذاتي ، ولا ينشأ منه بالضرورة .
__________________
(١) مسند أحمد ٤ / ١٥٢.
(٢) قوله تعالى : ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) سورة البقرة ٢ : ٢ .