وأقول :
نعم ، وقع التصريح فيه بارتدادهم ، ولكن صريحه أنهم لم يزالوا مرتدين ، وهم غير من زعموا ردّتهم وقاتلهم أبو بكر ؛ لقلة أيام ردّتهم وعودتهم إلى الإسلام ــ كما عرفت (١) ــ على أنّ الكثير ممن زعموا ردّتهم إنّما منعوا الزكاة عن أبي بكر ، وغاية ما يقال فيه : الحرمة لا الإرتداد ؛ ولذا أجرى عليهم عمر أحكام الإسلام ، فردّ سبيهم وأموالهم ، مضافاً إلى أن هذه الرواية وغيرها مصرّحةٌ بأنّهم من الصحابة .
ومن زعموا ردّتهم إن ماتوا على الارتداد ــ كما هو ظاهر هذه الأخبار ــ لم يكونوا من الصحابة ؛ لأن من مات مرتداً ليس بصحابي عندهم ، وإن تابوا وماتوا مسلمين ، لم يكونوا ممن يؤخذ بهم ذات الشمال ويحال بينهم وبين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا يرادون بتلك الأخبار على كلاالوجهين .
ولا يرد علينا النقض بمن أنكروا النصَّ على أمير المؤمنين ودفعوه عن الإمامة ، حيث نقول : بارتدادهم ، ونسميهم مع ذلك بالصحابه ؛ لأنّه لا يشترط عندنا في إطلاق اسم الصحابي على الشخص بقاؤه على الإيمان بل لا يشترط فيه إلا تحقق الصحبة لاسيما مع بقائه على صورة الإسلام .
فالوجه ــ كما سبق ــ أن يراد بهذه الأخبار : من أنكروا إمامة أمير المؤمنين ؛ فإنّهم لم يزالوا مرتدين ؛ لإنكارهم أصلاً من أصول الدين وهو
__________________
(١) راجع الصفحة ١٠٩ ــ ١١٠ من هذا الجزء