ثارت بعمّك الفاكه بن المغيرة» (١) الحديث.
و روى ذلك كله ابن الأثير في كامله (٢) وهو كما ترى مشتمل على تصريح عبد الرحمن ، وإقرار خالد بأنه قتلهم للثأر .
كما أن صدر الخبر مصرّح بأنّه إنما بعث داعياً لا مقاتلاً ، فأين الاجتهاد الذي زعمه أنصار خالد ؟! وقد جاءت أخبارنا ــ أيضاً ــ بذلك وأنّ بني جذيمة امتنعوا من وضع السلاح ، معتذرين بأنّا نخاف أن تأخذنا بإحنة الجاهلية ، فآمنهم ثمّ قتلهم ، وقد أراد السُنّة إصلاح أمر خالد فوضعوا حديث البخاري ونحوه ، وقد اتضح لك أنّه ــ أيضاً ــ غير نافعهم .
وهل يصلح العطّار ما أفسد الدهر (٣) ؟
وإنما لم يقتل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خالداً بمن قتلهم من المسلمين ، لقبول أهلهم الديات أو لئلا يقال : إنّه يقتل أصحابه ، فيحصل في أمره وهن ، أو لادعاء خالد الشبهة لقوله ــ كما ذكره الطبري ، وابن الأثير ــ : إن عبد الله بن حذافة أمرني بذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لما ذكره ابن عمر من قالوا : صبأنا ، وإن لم يكن للشبه حقيقة عندنا .
ولذا برىء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الله تعالى من فعله ، كما أن براءته صلىاللهعليهوآلهوسلم من صنع خالد دون ابن حذافة دليل على كذب خالد في عذره ، أو كذب من أرادوا إصلاح حاله ، والله العالم .
***
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ١٦٤ ــ ١٦٥ حوادث سنة ٨ ه.
(٢) ص : ١٢٣ج٢ . منه قدسسره ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٢٨.
(٣) عجز بيت من الطويل ، وصدره : وارحت إلى العطار تبغي شبابها.