يشهدوا للزهراء ، لا أن يحكم عليها ، فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد شرع الشهادة لمن يفيد قوله العلم بمقتضى عدم انكاره على خزيمة وإنعامه عليه ، بجعل شهادته بشهادة رجلين .
وإن أراد بعلم الحاكم : الأعم من الإطلاع ، فلا شك ، أنّ قول الزهراء يفيد العلم اليقيني ؛ لشهادة الله تعالى لها بالطهارة ، ولا سيما بضميمة شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام لها ، المطهر مثلها عن الرجس تطهيرا ، فلا بد لأبي بكر من الحكم الفاطمة عليهاالسلام .
ولو سلّم أن ليس له الحكم لها ، فلا ريب أن له إعطاءها ما تدعيه بلا حكم ، كما أعطى جابر وأبا بشر المازني ما ادعياه من عدة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا بينة ، وكما أعطى معاذ بن جبل ما أعطاه من مال اليمن الكثير بلا حجّة ، بل لمجرد دعواه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسله ليجبره ، وكما أعطى أبا سفيان الصدقات التي لا تحل له بلا سبق دعوى منه ، كما مرّ في الكلام على فدك . أليس من المروة ، وشرع الإحسان ، وصلة سيد الرسل ، أن يصلوا بضعته بمال أبيها ؟!
أليس من الهدى والإيمان أن يؤدوا أجر الرسالة بمودتها ولا يلجئوها إلى الخروج إلى تلك المحافل الحاشدة حتى عادت منهم راغمة واجدة !!! وأما استشهاد الفضل لمطلوبه بعدم عمل الحاكم بعلمه واطلاعه في الحدود ، فليس في محله ؛ لأن الحدود من حقوق الله تعالى ، وقد بناها بفضله على التسامح ، لا سيما الزنى ، الذي اعتبر فيه أربعة شهود ، ولو لا المسامحة في الحدود لكان النقض بها وارداً على الفضل أيضاً ؛ لأنه جعل ــ أولاً ــ علم الحاكم وإطلاعه أحد الأمور التي يستند إليها الحاكم في حكمه ، والحال : إن ذلك غير كافي في الحدود ، كما ذكره .