«أنّه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر إذ جاءه رجل من أهل العراق ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ! إني والله لقد حرصت أن أتسمت بسمتك ، وأقتدي بك في أمر فرقة الناس ، وأعتزل الشرّ ما استطعت ، وإنّي أقرأ آية من كتاب الله محكمة قد أخذت بقلبي ، فأخبرني عنها ، أرأيت قول الله عزّ وجل : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ ... ) الآية ؟ أخبرني عن هذه الآية .
فقال عبد الله : مالك ، ولذلك ؟ انصرف عني .
فانطلق حتى توارى عنا سواده ، وأقبل علينا عبد الله بن عمر فقال : ما وجدت في نفسي من شيء في أمر هذه الآية ، ما وجدت في نفسي إنّي لم أقاتل هذه الفئة الباغية ، كما أمرني الله عزّ وجلّ .
ثمّ قال الحاكم : هذا باب كبير قد رواه عن عبد الله بن عمر جماعة من التابعين (١) ...
وروى في الاستيعاب من عدة طرق بترجمة ابن عمر أنّه قال : ما أسى على شيء فاتني إلا أني لم أقاتل مع على الفئة الباغية.
وفي بعضها : أنّه قال ذلك حين حضرته الوفاة (٢) .
ولا ريب أن البغي على علي عليهالسلام لم يختص بمعاوية ، بل هو شامل للناكثين والمارقين ، والآية عامة للجميع .
الثاني : الأخبار المستفيضة أو المتواترة القائلة : إن علياً عليهالسلام يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على تنزيله (٣) ، فإنها دالة
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٥ح ٤٥٩٨.
(٢) الاستيعاب ٣ / ٩٥٣.
(٣) انظر : سنن النسائي الكبرى ٥ / ١٥٤ ح ٨٥٤١ ، مسند أحمد ٣ / ٣١ ، ٣٣ ، ٨٢ ،