فقلت له : هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ، ونقتل أنفسنا ، والله يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) (١) .
قال : فسكت ساعة ، ثمّ قال : أطعه في طاعة الله ، واعصه في معصية الله (٢) .
أقول : نعمت الشهادة هذه في حق معاوية ، فأي عذر لهم يبقى بعد في موالاته والأخذ عنه في صحاحهم؟ !
وأما ما أجاب به الخصم عن عائشة ، وطلحة والزبير ، من أنّهم خرجوا على عليّ بشبهة أن في عسكره قتلة عثمان ، فباطل ؛ لوجوه :
الأول : إنّهم إنما خرجوا على أمير المؤمنين عليهالسلام قبل أن يكون له عسكر ، وإنّما اتخذ العسكر لخروجهم عليه ، فأين القتلة الذين في عسكره حتى خرجوا عليه لأجلهم ؟!
ولو سلّم فالمراد بقتلة عثمان إما من باشر قتله ، أو الأعم منهم وممّن أعان عليه.
فإن أريد الأوّل ، لم يجز الخروج على أمير المؤمنين عليهالسلام لأجلهم إبتداء ، بل لا بُدّ أوّلاً من إحضار ولي الدم ، أو نيابتهم عنه ، ثمّ محاكمة قاتليه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فإن ثبت قتلهم له وأنّه بغير حق طلبوا من أمير المؤمنين عليهالسلام أن يقتص منهم ، فإن فعل ، فقد كفى الله المؤمنين ع القتال ، وإن أبى ، كان لهم عذر في الخروج عليه ، ونحن ما عرفنا أن عائشة
__________________
(١) النساء ٤ : ٢٩.
(٢) صحيح مسلم ٦ / ١٨.