وبالجملة : إنّا رأينا المسلمين علموا أن عائشة أعظم المحرضين على عثمان ، ولما دعتهم باسم الطلب بثأره إلى حرب إمامهم وأخي نبيهم ومولاهم الذي أوجب عليهم التمسك به كالقرآن ، أطاعوها وحاربوه.
وعلم المسلمون أن أبا بكر عدا على بضعة نبيهم وسيدة النساء ، وقبض ما في يدها ، وطلب منها البينة ، على خلاف حكم الله تعالى .
ثمّ ردّ شهادة من شهد الله لهم بالطهارة ، وحكم عليها ــ وهو الخصم ــ وخالف صريح الكتاب في ميراث الأنبياء .
وقد كان الواجب عليه لو لم يكن الحق لها أن لا يمنعها ماطلبت ، حفظاً لنبيهم في بضعته ، وتفادياً عن إيذاء الله ورسوله بإيذائها ، ومع ذلك لم يساعدها المسلمون بكلمة ، وقد استغاثت بهم واستنصرتهم .
فهل ترى ذلك إلا لانقلابهم على أعقابهم ؟! وكما قال الشاعر :
ما المسلمون بأمةٍ لِمُحمّد |
|
كلا ولكن أُمّةٌ لعتيق |
جاءتهم الزهراء تطلب إرثها |
|
فتقاعدوا عنها بكل طريقِ |
وتواثبوا لقتال آل محمّد |
|
لما دعتهم ابنة الصديق |
فقعودهم عن هذه وقيامهم |
|
مع هذه يغني عن يغني عن التحقيق (١) |
***
__________________
(١) ذكر هذه الأبيات البياض في الصراط المستقيم ٣ / ١٦٢.