الحديث ، وصدّقه الوجدان .
وأما ما أفتى به ودعا إليه قومه من نبش قبر المصنف رحمهالله وحرق جثته الزكيّة ؛ فهو من قبيل اجتهاد عائشة وصاحبيها في نتف لحية عثمان بن حنيف ، وقتل النفوس البريئة .
وكيف يستحق المصنّف رحمهالله ذلك ، وهو إنّما طعن بها بعصيان أمر الكتاب العزيز بالقرار في بيتها وطعن بأنّها صاحبة فتنة ، كما دلّت عليه الأخبار ، وشهد به الوجدان ؟ !
فإن أصاب أو أخطأ فهو مثاب لاجتهاده ، ولا يوجب ذلك نقصاً رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما لا يوجب النقص فيه قوله تعالى : ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ... ) (١) ولا سيّما أنّ الزوجة أجنبية ، وكم من زوجة لنبي عاصية ذمّها الله وأولياؤه .
فيا عجباً ! يرون عائشة قد آذت حبيب الله وسيّد النبيين وتظاهرت مع صاحبتها عليه ودعت إلى قتل عثمان ، وسبّبت ذبحه وهتكه ، وحاربت إمام ، زمانها ، وشقت عصى المسلمين ولفت الصفوف بالصفوف ، وقتلت الألوف والألوف ، ومع ذلك يعظمونها ، ولا يرون عذراً لمن عرف منها ذلك وطعن فيها بسببه ، بل يستبيحون قتله ونبش قبره !
فالله هو الحكم بيننا وبينهم ، وهو أحكم الحاكمين .
***
__________________
(١) سورة المسد ١١١ : ١.