______________________________________________________
وعن الثالث : بأن صدر الرواية صريح في أنّ المراد بالاتباع الترتيب.
قال المصنف في المعتبر بعد أن حكم بوجوب المتابعة مع الاختيار ، واحتج عليه بنحو ما ذكرناه : لكن إذا أخلّ بالمتابعة اختيارا لم يبطل الوضوء إلاّ مع جفاف الأعضاء ، لأنه يتحقق الامتثال مع الإخلال بالمتابعة بغسل (١) المغسول ومسح الممسوح فلا يكون قادحا في الصحة (٢). ولقائل أن يقول : لا نسلم تحقق الامتثال بدون المتابعة على تقدير وجوبها ، لأن الامتثال إنما يتحقق إذا أتى بالمأمور به مشتملا على جميع الأمور المعتبرة فيه ، وهو لا يحصل بدون المتابعة. ويمكن دفعه بأن ثبوت الفورية لا ينافي تحقق الامتثال بإيجاد الماهية مع الإخلال بها ، كما في الحج والزكاة وسائر الحقوق المالية الفورية إذا أتى بها على التراخي. وفيه ما فيه.
وينبغي التنبيه لأمور :
الأول : صرح ابن الجنيد ـ رحمهالله ـ على ما نقل عنه باشتراط بقاء البلل على جميع الأعضاء إلى مسح الرجلين (٣). ونقل عن المرتضى (٤) وابن إدريس (٥) اعتبار العضو السابق. وظاهر الباقين أنّ المبطل جفاف الجميع لا جفاف البعض ، وبه صرح في المعتبر (٦) ، وهو الأقوى ، ( لأنه المستفاد من ) (٧) الأخبار الدالة على البطلان بالجفاف.
واحتج عليه في المعتبر أيضا باتفاق الأصحاب على أنّ الناسي للمسح يأخذ من شعر
__________________
(١) في المصدر : في غسل.
(٢) المعتبر ( ١ : ١٥٧ ).
(٣) نقله عنه في المختلف : (٢٧).
(٤) المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : (١٨٥).
(٥) السرائر : (١٧).
(٦) المعتبر ( ١ : ١٥٧ ).
(٧) بدل ما بين القوسين في « ح » : لأن ذلك هو منطوق.