قوله : أمر لا يكاد يمكن الانفكاك عنه. ( ٣ : ٣١١ ).
قد عرفت أنّ الأمر ليس كذلك ، وأنّ الإخلاص في غاية الصعوبة ، والأخبار في هذا المعنى في غاية الكثرة ، بل ورد : أنّ الرياء أخفى من دبيب النملة في الليلة السوداء على الصخرة الصمّاء ، وأشدّ من هذا (١) ، والعلماء المتقدّمون والمتأخّرون بالغوا في هذا غاية المبالغة وحذّروا نهاية التحذير ، وعرفت أنّهم ما كانوا يذكرون في خصوصيات المقامات ، كما أنّهم ما كانوا يذكرون العقائد الأصولية والإيمان وأمثاله ممّا هو شرط الصحة بلا شائبة شبهة ، مع كون تلك الشرائط ومعرفتها ربما كانت في غاية الإشكال والصعوبة.
قوله : وممّا يؤيّد ذلك عدم ورود النيّة. ( ٣ : ٣١١ ).
غاية ما ثبت ممّا ذكر أنّ النيّة ليست جزءا للعبادات بل شرط لها ، كما هو الأظهر ، وأمّا اعتبارها في العبادات فلا شكّ فيه ، بل لعله صار من الضروريات ، وثابت ذلك من الأخبار (٢) بعد الآية (٣) ومسلّم عنده.
نعم ما ذكره رحمهالله من أنّ التلفظ بها وغير ذلك من الخرافات المحدثة حق ، وكذا التفكّر في النيّة ، وهذا هو مراده رحمهالله وهو الحق ، وإن كان الإشكال في أمر آخر.
قوله : ووقتها عند أوّل جزء من التكبير. ( ٣ : ٣١٣ ).
قد مرّ في مبحث الوضوء أنّ النيّة ليست هي الأمر المخطر بالبال ، بل ليست إلاّ الأمر الداعي إلى الفعل ، فلا حاجة إلى اعتبار المقارنة ولا الاستدامة
__________________
(١) انظر إحياء العلوم ٣ : ٣٠٥.
(٢) انظر الوسائل ١ : ٤٦ أبواب مقدّمة العبادات ب ٥.
(٣) البيّنة : ٥.