وحين الإتيان لم يعيّن إحداهما وتركها متزلزلة متردّدة بين الأمر كيف يعدّ ممتثلا بالنسبة إلى الواجبة ، ولا يعد من كانت ذمته مشغولة بكلّ من الواجبة والمستحبة ، مثل صلاة نافلة الفجر وفريضته ، ممتثلا بالنسبة إلى الواجبة؟ وكذا الحال إذا بنى المكلف على التعدّد عمدا وتشريعا.
وأمّا إذا كان في الواقع واحدا وعند المكلف أيضا كذلك ، ولم يبن على التعدّد أصلا وقصد ذلك الواحد فقد قصد الذي هو متّصف بالوجوب أو متّصف بالندب ، لأنّه أحضر المنوي ، وهو الأمر المتصف بالوجوب واقعا ، لأنّ النيّة أمر بسيط ، إلاّ أن يقال : في الصورة الأخيرة لا يجب الإحضار بصفة الوجوب أو الندب وإن كان متصفا بهما واقعا ، لأنّ الامتثال يتحقّق بقصد المعيّن ، وإن كان الواجب أن لا يحضر ما هو متصف بالوجوب بصفة الندب وما هو متصف بالندب بصفة الوجوب ، لأنّ المندوب غير الواجب وبالعكس ، فلا يكون هو المعيّن في الواقع ، فتأمّل.
قوله : قال بعض الفضلاء. ( ٣ : ٣١١ ).
فيه : أنّه لا شبهة في أنّ الفاعل المختار لا يمكن أن يتحقّق منه الفعل بغير ملاحظة العلّة الغائية لكن العلّة الغائية يمكن أن تكون التقرّب إليه تعالى والإخلاص له ، وأن تكون غير ذلك من الرياء وغيره من الأغراض ، والإخلاص في غاية الصعوبة ، فكيف يكون في غاية السهولة؟ وكذا لا بدّ من التعيين بالتوجّه إلى المعيّنات لتحقّق الامتثال إذا تعدد الاحتمال ، وليس الأمر كذلك في سائر الأفعال ، فتأمّل.
قوله : ما كانوا يذكرون النيّة في كتبهم الفقهية. ( ٣ : ٣١١ ).
كانوا يذكرون بعنوان الكلّية ، لكونها شرطا في جميع العبادات ، وان كانوا لا يذكرون في موضع موضع على حدة.