حسب النداء فلا وجه للقول بأنّ الأمر للتكرار ، بل المناسب أن يقول : كلمة إذا هنا للعموم ، وإن لم تفد لغة ، كما هو الحق عنده ومعظم المحقّقين (١) ، اللهم إلاّ أن يؤول كلامه إلى ذلك بضرب من العناية ، وكيف كان ، فالاعتراض باق بحاله ، كما لا يخفى.
وربما استدل على العموم بأنّ الحمل على المعيّن ترجيح من غير مرجّح ، وعلى غير معيّن ينفي الفائدة.
وفيه : أنّه لو تمّ فهو من باب إرجاع المطلق إلى العموم ، وغير خفي أنّه إنّما يرجع إليه إذا لم يكن هناك شائع غالب ، وإلاّ فالذهن ينصرف إليه ، وهو المرجّح ، والشارح اعترف بذلك في مواضع شتّى ، والشائع الغالب ـ بل المتعارف ـ كان في زمان نزول الآية وقوع النداء عند حضور السلطان أو نائبه ، بل وما بعده أيضا كان كذلك ، كما سيجيء عن المحقّق ، وكذا الكلام في لفظ الصلاة.
مضافا إلى أنّ الظاهر المتبادر النداء الصحيح الشرعي ، وكذا الصلاة الصحيحة الشرعية ، سيّما على رأي القائل بأنّ ألفاظ العبادات أسام للصحيحة المستجمعة لشرائط الصحة ، وكون الواقع بغير حضور السلطان أو نائبه صحيحا محلّ نظر ، بل أوّل الكلام ، وباقي الكلام سيجيء فتربّص.
على أنّ المحقّق في الأصول أنّ الأمر للطبيعة ، وأنّ امتثاله مرّة يكفي ، بل لا يجوز أزيد من المرّة لو كان عبادة ، فالتكرار إذا كان من الإجماع (٢) ففي موضع الخلاف لا تكرار ، فيكفي الواحدة ولا يلزم التكرار ، فتأمّل.
__________________
(١) انظر تمهيد القواعد : ٣٨١ ، والحدائق ٩ : ٣٩٩.
(٢) في « أ » و « و » زيادة : فمسلّم وإلاّ.