احتجاج إلى حثّ الصادق عليهالسلام.
ومع ذلك كيف اكتفى عليهالسلام بالحثّ؟ مع أنّه ما نفعه التعريضات والإيجابات والتأكيدات والتشديدات ، بل وفضاعة عدم العمل بها وشناعته ، بل كان المناسب أن يستفسر أوّلا وجه تركه ، فإن أتى بالعذر وكان صوابا تركه على حاله ، وإن كان خطأ بيّنه له ونبّه عليه ، وإن لم يأت به أنكر عليه أشدّ الإنكار وهدّد وشدّد أزيد ممّا فعله والده عليهالسلام.
كيف؟ وهو عليهالسلام أنكر على حماد بعدم إتيانه بالصلاة بحدودها تامّة مع أنّها من المستحبات والآداب بقوله : « ما أقبح بالرجل منكم » (١) ، الحديث ، بل كانوا ينكرون بترك مثل غسل الجمعة والنوافل اليومية وأمثال ذلك ، فكيف في مثل هذه الفريضة من مثل هذا الجليل؟!
سيّما بعد إيجابات كثيرة سابقة أكيدة شديدة رواها هو بنفسه ، وكذا شركاؤه ونظراؤه مثل ابن مسلم وأبي بصير وغيرهما من الأجلّة ، ودوّنوها في أصولهم المعمولة المشهورة ، مع أنّهم دائما كانوا يقرؤون القرآن وسورة الجمعة ويفهمون المعنى أحسن منّا ، وكذا الحال في الأخبار الصادرة عن الرسول وأهل البيت عليهالسلام ، سيّما ما رووه بأنفسهم ، وكان المعصوم عليهالسلام عندهم ، يتمكّنون من الرجوع إليه في معرفة القيود والشرائط ويمكنهم استفصال أنّ الآية بأيّ شيء مقيّدة ، وكانوا أحسن منّا في المعرفة ومعاني أحاديثهم وأحاديث غيرهم حتى ما ورد عن الرسول.
وزرارة كان من فقهاء العامّة فاستبصر ، فكيف اتفقوا على الترك في مدّة مديدة ولم يتفطّن أحد منهم ولا ممّن تبعهم ولا من غيرهم من
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٥٩ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.