والتمكّن يجب وجوبا عينيا على الكافرين فضلا عن المسلمين ، ومن الشرائط الأمن من الضرر مطلقا ، ولو اختلّ أحد الشرائط يصير حراما فضلا عن أن يكون واجبا ، وهذا هو مقتضى الأدلة قطعا بحيث لا يخفى على من له أدنى فهم ، إلاّ أنّ المخيّرين يقولون : إذا كان المختلّ هو خصوص حضور الإمام أو نائبه تصير مستحبة ، كصلاة العيدين ، لما اقتضاه الأدلة ، كما عرفت وستعرف ، وأمّا إذا كان شرط آخر فهي حرام ، كما اقتضته القاعدة.
فإن قلت : لعل المستدل أيضا كذلك ، إلاّ أنّه يطالب بدليل اشتراط الإمام أو نائبه ، لأنّ الاشتراط حكم وضعي شرعي ، وكلّ حكم شرعي موقوف على الثبوت.
قلت : عينية وجوب الجمعة بالنحو المذكور من بديهيات الدين ، فلا وجه لاستدلاله ، وعلى من يحتجّ؟ إذ لا منكر لها إلاّ وهو كافر ، وكلامنا في أنّه لا وجه لاستدلاله أيضا ، إذ كون استدلاله من جهة الإطلاقات قد عرفت فساده ، وكذا من جهة الأصل لو استدل به.
وأمّا مطالبته بدليل الاشتراط فـ ـ مع أنّها لا دخل لها في استدلاله بما استدل ويكون أمرا آخر ـ مشترك الورود ، لأنّ كون الواجب في زمان الغيبية هو الجمعة لا غير حكم شرعي أيضا ، بل هو أولى بالتوقّف على الثبوت ، سيّما بملاحظة أنّ الواجب بالضرورة من الدين إمّا الجمعة أو الظهر ، وشغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، ولذا يكون الواجب على المكلّفين فعلهما جميعا ، لانصار البراءة اليقينة والامتثال العرفي فيه بلا شبهة