سلّمنا ، لكن ضروري الدين أنّ الجمعة بغير الشروط لا تصير ولا تكون مطلوبة ، فبمجرّد استماع الآية والأخبار يتبادر إلى ذهننا أنّ المراد ما هو بالشرائط قطعا ، لأنّ الضرورة من الدين تصير منشأ للتبادر والسبق إلى الفهم ، كما يفهم من الأمر بقراءة دعاء العرفة الاستحباب ، وغير ذلك ممّا أشرنا إليه في رسالة الإجماع والفوائد (١) مع غاية وضوحها ، فعلى هذا يرجع إلى الأوّل ويصير مثل القول بكونه اسما للصحيحة من دون تفاوت ، كما لا يخفى.
مع أنّ عدم التعرّض للشروط الإجماعية كاشف عن كون المقام مقام بيان نفس الوجوب لا التعرّض إلى الشروط ، والوجوب على كل أحد مقام وكونه مشروطا بشروط مقام آخر ، كما لا يخفى على العارف ، وأشرنا إلى مثل ذلك في مبحث الحيض (٢).
وبالجملة : لا شك في وجوبها على كلّ أحد ، ومع ذلك لا شك في كونها مشروطة بشروط كثيرة ، وكونها واجبة على كل أحد لا يقتضي ان لا تكون مشروطة ، فإذا لم يكن المقام مقام التعرّض لذكر الشروط لا يكون عدم الذكر دليلا على العدم ، وعلى فرض أن لا يكون حديث يدل على اشتراطه لا يقتضي أن لا يكون شرطا ، لأنّ مع الاحتمال لا يعلم كون الخالية عنه صلاة الجمعة صحيحة ، نعم مع الوجود تعلم الصحة ، فيعلم كونه مطلوبا ، فكيف لا يكون سترة أصلا في كون الخالية صلاة الجمعة؟ مع أنّ الظاهر والموافق للقاعدة أنّها ليست صلاة الجمعة ، كما عرفت.
فإن قلت : لعله بنى على أنّ الأصل عدم الاشتراط.
__________________
(١) رسالة الإجماع ( الرسائل الأصولية ) : ٢٦٠ ، ٢٦١ ، الفوائد الحائرية : ٢٩٠.
(٢) راجع ج ١ : ٣٥٧.