قلت : إن أراد من الأصل أصل البراءة فـ ـ مع أنّه لا يجري في ماهية العبادة كما حقّق ـ مقتضاه رفع التكليف لا إثباته ، ولذا جعل من شروطه رفع التكليف ، وهو ظاهر أيضا ، لأنّه مقتضى أدلة هذا الأصل ، نعم هذا الأصل ينفع القائل بالتخيير في المقام.
وإن أراد استصحاب العدم الأصلي ، ففيه ـ مضافا إلى أنّه ليس حجّة عند جمع من المحقّقين (١) ـ : [ أنّهم ] (٢) متفقون على عدم جريانه في بيان العبادات ، ويدل عليه أدلة قطعية ذكرناها في الملحقات. وعلى تقدير الجريان فكما يجري في صلاة الجمعة كذا يجري في صلاة الظهر ، فالترجيح من غير مرجّح باطل.
ومع ذلك الترجيح في الظهر ، لاستصحاب بقائها وعدم ثبوت الخلاف ، لأنّ الظهر كانت واجبة قبل الجمعة ثمّ تغيّر التكليف إلى الجمعة لا بالنسبة إلى جميع المكلّفين ، بل بالنسبة إلى المستجمع لشرائطها ، وكون المقام مستجمعا للشرائط أوّل الكلام ، فالأصل بقاء الظهر ولم يثبت خلافه ، مع أنّ الأصل عدم الاستجماع ، مع أنّه كما أنّ الأصل عدم شرط كذلك الأصل عدم كون الباقي صلاة الجمعة ، كما هو ظاهر وحقّقناه مشروحا في الملحقات.
وبالجملة : الأصول مع المحرّم بلا شبهة ، مع أنّه كيف يكون المقام لا سترة فيه أصلا؟.
__________________
(١) منهم الأسترآبادي في الفوائد المدنية : ١٤٤ ، والفاضل التوني في الوافية : ١٧٩ ، ٢١٧.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.