فإن قلت : في بعض الأخبار قالوا : « فرضها الله في جماعة » (١) وهذا يدل على أنّ الجماعة من حيث هي هي تكفي.
قلت : هذا غلط واضح ، لأنّ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه ، وهذا بعينه مفهوم الوصف الذي عند المحققين أنّه ليس بحجّة (٢). نعم ربما يكون فيه إشعار ، إلاّ أنّه منتف في المقام ، لأنّ العدد شرط في الجماعة بل هو أنسب إلى الجماعة وأقرب إليها ومع ذلك لم يتعرّضوا له ولا لغيره ( من الشروط ) (٣) ، فحصل اليقين بأنّ المقام ليس مقام التعرّض إلى الشروط.
فإن قلت : لعله وكلّ معرفة الشروط التي لم تذكر إلى المعروفية من الخارج.
قلت : هذا فاسد ، لأنّ وجوب الجمعة مع كونه من ضروري الدين وكذا سقوطها عن مثل الصغير والمجنون وأمثالهما تعرّضوا للذكر ، فكيف وكلّوا إلى الظهور ما لم يثبت إلاّ بحديث؟ كما سيجيء ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز قطعا.
مع أنّ الأصل عدم إرادة ما زاد عن مدلول العبارة ، فإنّ المقام مقام بيان نفس الوجوب الذي لا نزاع فيه ، وكذا لا نزاع في كونه مشروطا بشروط كثيرة.
سلّمنا ، لكن الشروط المسلّمة عنده ربما تثبت بدليل ظنّي مثل خبر الواحد ، فكيف لا يثبت كون الجمعة منصب الإمام عليهالسلام بالإجماعات
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤١٩ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٧ ، التهذيب ٣ : ٢١ / ٧٧ ، الوسائل ٧ : ٢٩٥ أبواب صلاة الجمعة ب ١ ح ١.
(٢) منهم السيد المرتضى في الذريعة ١ : ٣٩٢ ، والفاضل التوني في الوافية : ٢٣٢.
(٣) ما بين القوسين ليس في « و ».