من ظهر فسقه ، فلا يقال على مستور الحال : جاء الفاسق ، وذهب الفاسق ، وأمثال ذلك.
إلاّ أن يقال : إنّ الأخبار ليست بمتعارضة إلاّ على رأي من قال بأنّ العدالة غير عدم ظهور الفسق ، إذ بعض القدماء يقول باتحادهما ، كما أشار إليه الشارح رحمهالله لكن الذي حقّقناه في بحث الشهادة عدم الاكتفاء بما ذكروه ، وأنّه لا بدّ من حسن الظاهر (١) ، كما قال بعض الفقهاء (٢) ، ولعله الظاهر من أكثر القدماء والمعروف منهم إلاّ من شذّ ، فيمكن حمل الأخبار المتعارضة على من وقع المعاشرة الظاهرة معه ، فإنّه إن لم يظهر فسقه يكون حسن الظاهر البتّة ، وإلاّ يكون فاسقا.
على أنّا نقول : المعارض منحصر في الأولى والثانية ممّا ذكرته ، وهما ضعيفتا السند من دون انجبار للضعف ، بل يضعّفهما ندرة القائل ، وكونهما مخالفا لما اشتهر بين الأصحاب لو لم نقل بالإجماع ، ومع ذلك حمل الأولى على أنّ المراد من الفاسق فيها ما هو أعمّ من ظاهر الفسق أيضا. على أنّ مفهوم الوصف أو اللقب ليس بحجة.
وكذا الكلام في الثانية ، وإن كان مضمونها : ثلاثة لا يصلّى خلفهم : الغالي والمجهول والمجاهر بالفسق (٣) ، لاحتمال كون المجهول داخلا في المجهول. مضافا إلى الجزم بأنّ من لا يصلّى خلفه أزيد من الثلاثة ، فتأمّل جدّا.
وما ورد في بعض الأخبار : « إذا كان الرجل لا تعرفه يؤمّ الناس فقرأ
__________________
(١) حاشية مجمع الفائدة والبرهان : ٧٦٢.
(٢) انظر المقنعة : ٧٢٦ ، والنهاية : ٣٢٧.
(٣) الوسائل ٨ : ٣١٠ أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ٦.