فيه نظر ظاهر ، لأنّ عموم قولهم : « إذا كثر عليك السهو. » يشمل ما ذكره كما يشمل غيره ، وكما أنّ ما ذكره له عموم فكذا غيره أيضا من دون تفاوت ، فالفرق تحكّم ، والعموم الأوّل أقوى من الثاني ، بل ربما يكون من قبيل الخاصّ والعامّ ، ولذا قدّم عليه ، بل ربما يتأمّل في شمول الثاني للأوّل ، لكونه فردا غير متبادر منه ، ويدل عليه التعليلات الواردة في الأخبار من أنّه من الشيطان يريد أن يطاع فلا تطيعوه (١) ، إلى غير ذلك ، بل حكم في كثرة الشكّ في الوضوء بعدم الالتفات والمضي بهذه التعليلات (٢) ، فكيف يحكم هنا بوجوب الإتيان تمسّكا بعموم. إلى آخر ما قال؟ فتأمّل.
ثم لا يخفى أنّ مراده من السهو هنا ليس الشكّ ، لأنّ تجاوز المحلّ في الشكّ يوجب عدم الالتفات مطلقا ، وإن لم يكن كثير الشكّ ، فمع كثرة الشكّ بطريق أولى.
فإن كان المراد من السهو في الأخبار الدالة على أنّه لا سهو إذا كثر هو الشكّ ـ كما هو صريح المعتبر (٣) والظاهر من العلاّمة أيضا (٤) ـ فلا وجه لما ذكره من قوله : ولو كثر السهو. لأنّ الكثرة لا عبرة بها حينئذ في السهو مطلقا ، فما دل على حكم السهو من التدارك له وغيره يكون باقيا على حاله من دون مانع أصلا.
وإن كان المراد من السهو فيها معناه الحقيقي وما هو أعمّ من الشكّ
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٨ / ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ / ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ / ١٤٢٢ ، الوسائل ٨ : ٢٢٨ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦ ح ٢.
(٢) المدارك ١ : ٢٥٧.
(٣) المعتبر ٢ : ٣٩٣.
(٤) المنتهى ١ : ٤١١.