« أما يخشى الذي رفع رأسه والإمام ساجد أن يحوّل الله رأسه رأس حمار؟ » (١) ولأنّه تابع له فلا يسبقه ، وبه قال الشافعي ـ إلى أن قال ـ : مسألة : يصح أن يكبّر المأموم بعد تكبير الإمام ، وهل يصح معه؟ إشكال ينشأ من تحقّق المتابعة معه أم لا ، أمّا لو كبّر قبله فلا يصح قطعا ، ولا بأس بالمساوقة في غير التكبير من الأفعال (٢).
فظهر من كلامه قرائن على إرادته من الأفعال معناه اللغوي والعرفي ، مضافا إلى كون ذلك معناه الحقيقي ، وأنه ادعى في المنتهى ما ادعى.
فعلى هذا تفكيك الشارح بين الأقوال والأفعال لا وجه له أصلا بالنظر إلى الإجماع المنقول والفتاوى ، ولا الحديث الذي هو مستند الإجماع ، لأنّ تعليله عليهالسلام بقوله : « يؤتمّ به » لقوله عليهالسلام : « إنّما جعل الإمام. » ثم تفريعه بقوله : « فإذا ركع. » مع القطع بعدم انحصار الأفعال في الدخول في الركوع والدخول في السجود ، والقطع بأنّ تكبيرة الافتتاح مع كونه قولا داخل قطعا بل أهمّ ، كلّ ذلك دليل على العموم.
مضافا إلى أنّ الإمام معناه هو السابق المقتدى لا المسبوق غير المقتدى ، وستعرف معنى الاقتداء ، ومن جميع ما ذكر سلّم الشهيد العموم.
وأمّا ما ذكره من الأصل ـ مع فساد جريانه في العبادات ، كما هو مسلّم عند الشارح أيضا ، ونبّهنا في مبحث الجمعة (٣) وغيره ـ لو تمّ لاقتضى عدم وجوب المتابعة في غير الأقوال أيضا ، إذ عرفت حال الإجماع والفتاوى والحديث بل الأخبار المتضمّنة لاقتداء المأموم وائتمامه
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٧٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٢٠ / ٤٢٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٩٣.
(٢) التذكرة ١ : ١٨٥.
(٣) راجع ص ١٦٧ ـ ١٧٧.