وممّا يؤيّد أيضا بل يدل عليه أنّه إذا كان في بلده لا يقال عرفا ولا لغة : إنّه مسافر ، بل يقال : إنّه حاضر ، وإنّه في وطنه ، وإنّه رجع عن سفره ، أو إنّه يذهب إلى السفر ، أو يريد أن يذهب إليه ، وأمثال ذلك ، وقد عرفت أنّ شرط القصر أن يكون مسافرا بالإجماع والكتاب والأخبار المتواترة ، وأنّ الحاضر يجب عليه الإتمام بالأدلة المذكورة. بل ربما يكون في أطراف بلده المتصلة به أو القريبة إليه [ و ] لا نقول : إنّه الآن في السفر ، على حسب ما ذكرنا بأنّه رجع عن السفر أو يريد أن يذهب ، بل ربما في حدّ الترخّص أيضا يشكل القول عرفا : إنّه الآن في السفر ، بل يقال : إنّه رجع عنه ، أو يريد أن يذهب إليه ، فتأمّل.
وممّا يؤيّد أيضا بل يدل أنّه لو كان المراد الدخول إلى بيته على حسب الحقيقة اللغوية أو العرفية أنّه إذا رجع من سفره ودخل بلده ودخل بيتا في جنب بيته أو في دهليز بيته بقي فيهما مدّة أو يكون متردّدا في اختيار بيت من بيوت بلده أنّه يكون في هذه الصورة وهذه المدّة مسافرا أو يجب عليه القصر ، وفيه ما فيه.
فإن قلت : جميع ما ذكرت تامّ بالنسبة إلى صحيحة العيص ، فأمّا بالقياس إلى موثقة إسحاق فلا ، بل حمله على ما ذكر في غاية البعد.
قلت : الموثقة لا تقاوم الصحيحة ، سيّما الصحيحة التي هي المفتي بها عند معظم الفقهاء ، بل كاد أن يكون عند كلّهم ، مع شدّة قوّة دلالتها. ومع ذلك تعارضها أيضا صحيحة زرارة عن الصادق عليهالسلام قال : « من قدم مكّة قبل التروية بعشرة أيّام وجب عليه إتمام الصلاة » إلى أن قال : « فإذا زار