التوالي المذكور ، بل اكتفى بالتوالي العرفي ، فلا يضرّ عنده لو خرج من موضع الإقامة إلى خارج عنه ورجع إلى موضع الإقامة بحيث يقال عرفا : إنّه مقيم في موضع الإقامة ، من جهة أنّ رحله فيه ومقرّه ومنامه وأمثال ذلك فيه ، وخروجه إلى الخارج بقدر قليل زمانا أو مسافة.
والحاصل : أنّه أحال إلى العرف مطلقا ، وهذا هو الصواب بعد تحقّق الصدق الحقيقي العرفي ، لعدم اصطلاح من الشرع فيكون الحوالة إلى العرف كما هو الحال في سائر ألفاظ الآية والحديث ، ووافقنا على ذلك المحقق الأردبيلي وغيره (١) بعد الشهيد الثاني ، ويمكن توجيه كلام الشارح رحمهالله إلى هذا ، وإن كان الظاهر منه ما ذكرناه. ومن الفقهاء من اكتفى في قصد الإقامة عدم السفر إلى المسافة المعتبرة شرعا (٢).
وروى زرارة في الصحيح عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « من قدم مكّة قبل التروية بعشرة أيّام وجب عليه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكّة ». الحديث (٣).
حكم عليهالسلام بوجوب الإتمام مطلقا سواء خرج من مكّة أم لا ، فلو كان عدم الخروج شرطا لذكره ولما حكم بالإتمام مطلقا ، وأيضا جعله بمنزلة
__________________
(١) انظر مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٤٠٩ ، والكفاية : ٣٣.
(٢) حكاه الشهيد في نتائج الأفكار عن فخر المحققين ( رسائل الشهيد الثاني ) : ١٩١.
(٣) التهذيب ٥ : ٤٨٨ / ١٧٤٢ ، الوسائل ٨ : ٤٦٤ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ٣ وفيهما عن الباقر عليهالسلام.